قال ابن عرفة : خرقها خرقا يصيبها ولا يضرها ؛ ولذلك لم يغرق من أهلها أحد.
قال الزمخشري : فإن قلت : لم جعل هنا جواب الشرط فعل الخضر وهو الخرق لا قول موسى ، وجعل في قتل الغلام فعل الخضر معطوف بالفاء ، وجواب الشرط قول موسى؟ فأجاب بأن الخرق متراخ عن الركوب ، والقتل يعقب لفاء الغلام ، وتبعه أبو حيان.
قال ابن عرفة : إنما عادتهم يجيبون بأن خرق السفينة ملائم لسببه وهو الركوب ؛ لأنهم فعلوا معهم أمرا ملائما فحملوهم بغير قول ؛ ففعل هو معهم بسبب ذلك أمرا ملائما وهو خرق السفينة الموجب إنجائهم من الملك الذي يأخذ كل سفينة غصبا ؛ فناسب جعله سببا عنه ، وأما قتل الغلام فليس ملائم للفاء ؛ وإنما الملائم له فعل مقدر وهو خوف أن يرهق والديه المؤمنين طغيانا وكفرا ؛ فلذلك عطفه على الشرط ولم يجعله جوابا له ولا سببا عنه.
قوله تعالى : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً).
أي شيئا عظيما ؛ كقول أبي شعبان في حديث هرقل : لقد أمر ابن أبي كبشة أن يخافه ملك بني الأصفر.
قوله [٥١ / ٢٤٥] تعالى (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ).
قال ابن عطية : كانت الأولى من موسى نسيانا ، والثانية شرطا ، والثالثة تعمدا فكان الجمع شرطا ، قال : أما كون الثانية شرطا ؛ فلأن مفهوم قوله (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ) أنه إن عاد إلى ذلك يؤاخذه فهذا شرط في الثانية.
قيل لابن عرفة : بل الشرط هو قوله : إن سألتك بعدها ، فقال : إنما شرط ذلك بعد وقوع الغفلة الثانية ، وأما الثالثة فتعمد ؛ لأنه عزم على فراقه ؛ فلذلك أنكر عليه.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ).
ولم يقل : وصلا إلى أهل قرية ؛ إشارة إلى أن إتيانهم لها كان على قصد ، والقرية قيل : هي الأبلة ، قالوا : وهي أبعد أرض إلى السماء.
ابن عرفة : إن قلنا : إن الأرض كورية فمن هو في أعلى الكورة أقرب إلى السماء ممن هو في جوانبها ، مثل : بطيخة موضوعة في قبة فصعدت نملة في أعلى البطيخة ، ونملة في جوانبها ؛ فإن التي في أعلاها أقرب إلى سقف القبة.
قوله تعالى : (اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما).