وقال بعضهم (١) : يبدئ الخلق ، ثم يعيده بعد ما أماته.
وقوله : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) الغفور (٢) : هو الستور يستر على المذنب ذنبه إذا تاب حتى لا يذكر به ، ولو لا ذلك لم يكن يصفو له نعيم الآخرة عن التنغيص.
[وقوله](٣) : (الْوَدُودُ) : الذي يتودد إلى خلقه فيما ينعم عليهم ويحسن إليهم ؛ قال [النبي](٤) ـ عليهالسلام ـ : «جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها» ؛ فجعل الإحسان سبب التودد.
والثاني : أن كل من واد آخر ، فالحق عليه أن يوده في الله ـ تعالى ـ لأنه به نال ما به يتودد ؛ قال الله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) [مريم : ٩٦] ، فكأنه يقول : هو المستوجب للمودة من الخلق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) منهم من جعل المجيد نعتا للعرش.
ومنهم من جعله نعتا لله تعالى.
فمن جعله نعتا للعرش فهو مستقيم (٥) ؛ لأنه وصفه في مكان آخر بالكريم بقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [المؤمنون : ١١٦] ، والمجيد يقرب معناه [من] معنى الكريم ؛ لأن الكريم هو الذي عظم قدره وشرفه (٦) ، والمجيد كذلك هو الشريف المعظم ، وعظم قدر العرش في قلوب الخلق وعلا حتى زعم بعض الناس أنه مكان الرب تعالى ، والكريم في الشاهد هو الذي يطمع عنده وجود ما يرجى ويؤمل ، ويؤمن منه ما يتقى ويحذر ، وسمى الله ـ تعالى ـ النبات : كريما بقوله : (فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) [لقمان : ١٠] ؛ لما فيه من عظم المنافع ، والكريم : هو النافع (٧) للخلق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) ، أي : ما يريد تكوينه يكونه ؛ فيكون فيه إيجاب القول بخلق أفعال العباد ، وأنه شاء لكل أحد ما علم أنه يكون منه ؛ لأنه امتدح ـ جل وعلا ـ بالفعل لما يريد ، ولو لم يثبت له صنع في أفعال العباد ، لكان لا يختص بهذا الامتداح ؛ بل يكون كل واحد مستوجبا لهذا المدح ؛ فثبت أن كون حقائق الأشياء بما
__________________
(١) قاله الضحاك أخرجه ابن جرير (٣٦٨٨٥).
(٢) في ب : والغفور.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : يستقيم.
(٦) في ب : وشرف.
(٧) في ب : المنافع.