يسمى الوابل.
وقال أبو بكر : اسم لكل معضلة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) ، فهو يحتمل أوجها :
أحدها : أي : كيف تتقون النار في الآخرة إذا سلكتم في الدنيا سبيلها ـ وهو الكفر ـ وأنتم تعلمون أن من سلك طريقا لشيء ولا منفذ لذلك الطريق إلا إلى ذلك الشيء ؛ فإنه يرد عليه لا محالة.
أو كيف تتقون النار في الآخرة ، وقد تركتم القيام بما عليكم من شكر النعم.
أو كيف تتقون العذاب في الآخرة وأنتم تدفعون إليها ، وتضطرون بقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) [لقمان : ٢٤] ، وبقوله : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) [القمر : ٤٨] ، وبقوله : (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) [الدخان : ٤٧] ، وقد مكنتم في الدنيا من الإيمان بالله تعالى ، ومكنتم من الانتهاء عن الكفر ، ثم لم تنقلعوا عنه ، فأنى يتهيأ لكم المخلص من عذابه ، وأنتم تدفعون إليه.
أو كيف تنتفعون بإيمانكم في الآخرة ، ولم تؤمنوا في الدنيا ، وقد مكنتم به.
والأصل أن دار الآخرة ليست بدار لاستحداث الأسباب ، وإنما هي دار وقوع المسببات ؛ فهم إذا لم يستحدثوا الأسباب التي جعلت لدفع العذاب في الدنيا ، لم يمكنوا من استحداثها في الآخرة فينتفعوا بها ، ولم يكونوا أهلا لوقوع المسببات ؛ لما لم يستحدثوا الأسباب في الدنيا ، وإنما قلنا : إنها ليست بدار محنة وابتلاء ؛ لأن المحنة ؛ لاستظهار الخفيات ، والثواب والعقاب قد شوهد وعوين ؛ فإذا قيل : إذا فعلت كذا ، دخلت (١) النار وهو يعاين النار ، ويراها ، فهو يمتنع عن الإقدام على ذلك الفعل ، وإذا قيل له : إذا آمنت بالله تعالى أكرمت بالجنة ، وهو يشاهد الجنة ، ويراها ، فهو يؤمن لا محالة ؛ فلا وجه للابتلاء في الآخرة ؛ بل هي دار وقوع المسببات يعني : الثواب والعقاب ؛ والذي يدل على هذا قوله : (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) ، فأخبر أنهم يشيبون لا بسبب (٢) المشيب ، والمشيب في الدنيا لا يوجد إلا بعد وجود سببه ، وهو الكبر ليعلم أن الدار الآخرة ليست بدار استحداث الأسباب ؛ فما يستحدثون من الإيمان بالله تعالى لا ينفعهم في ذلك اليوم ، ولا يقيهم من عذاب الله تعالى.
__________________
(١) في ب : ودخلت.
(٢) في ب : بشيب.