الأوّل : لأجل عدم الشك في بقائها وزوالها بعد حصولها وتحقّقها في إنسان كامل كما لا يتفق ذلك في الخارج أصلا مثلا كان زيد بن أرقم نبيّا سابقا فشك في بقاء منصب النبوّة وزواله فيه ، وهذا لم يتفق في الخارج في جميع الأعصار والأمصار أصلا لأن النبوّة منصب إلهي يعطى لمن يشاء من عباده الصالحين. والمولى الجليل إذا أعطى شيئا فلم يسترده أصلا بل استرداده محال عليه جلّ وعلى لأنّ المحل إذا قابل منصب النبوّة فاسترداده بخل وإذا لم يكن قابلا له فهو جهل تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
الثاني : أنّ الاستصحاب يكون دليلا تنزيلا وجعليا ، أي نزّل الشارع (المقدّس) المشكوك منزلة المتيقّن وجعل الشك منزلة اليقين.
وعلى طبيعة الحال لا محيص عن أن يكون المستصحب قابلا للتنزيل والجعل المذكورين ، امّا النبوّة فهي لا تكون قابلة لهما ، إذ هي من الصفات الخارجية ، وهي تحصل لإنسان كامل مكمل بواسطة كمال النفس وارتقائها.
ومن الواضح أنّ هذا النوع من الصفات ليس بقابل للجعل والتنزيل ولهذا لا تشملها أدلّة الاستصحاب بعمومها.
الثالث : أنّ الاستصحاب انّما يجري في الامور التي كان لها أثر شرعي ، كما عرفته سابقا ، حتى يترتّب بواسطة الاستصحاب أثر المستصحب عليه ، لأنّ الأثر المهم الذي يترتّب على بقاء النبوّة امّا عبارة عن وجوب الاعتقاد بنبوّة زيد مثلا ، وامّا عبارة عن وجوب تصديقه فيما أتى به ، وامّا عبارة عن بقاء شريعته.
ومن الواضح عدم ترتّب ما عدا الأوّل ، فإنّ التعبّد بنبوّته فعلا ، تعبّد بوجوب الاعتقاد بها فعلا ، وامّا تصديقه فإن كان فيما أتى به فهو من آثار نبوّته في حال حياته لا من آثار بقاء نبوّته بعد موته وإن كان فيما يأتي به فهو في فرض موته غير معقول.
فوجوب الاعتقاد بنبوّة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثابت قبل الاستصحاب فلا معنى لجريان