المولى الحكيم.
فأجاب المصنف عنه : بان المراد من تعلق الطلب والأمر بالوجود ، أي بوجود الطبيعة ، ليس تعلقهما بوجود الطبيعة الثابتة في الخارج ، مثل ان يقول المولى لعبده : (أريد منك في الخارج وجود فرد من افراد الطبيعة الموجودة) كي يلزم طلب الحاصل ، بل المراد تعلقهما بايجاد الطبيعة ، ولا يلزم طلب الأمر الحاصل ، لأن كيفية امر المولى تكون على هذا النحو ، وهو ان المولى يتصور في نفسه الطبيعة المحصّلة لغرضه ، ثم يأمر عبده بايجادها في ضمن فرد من افرادها بعد ان لم تكن موجودة في الخارج ، فالغرض لا يحصل إلا بوجود خارجي هذا الشيء ، فيطلب ايجاد هذا الشيء في الخارج ولا يطلب بأمر الشيء الموجود في الخارج ، بقيد الوجود وايجاده ثانيا ، حتى يلزم طلب الحاصل. فالطبيعة المقيدة بقيد الوجود في ضمن فرد يتصورها المولى ويطلبها وتكون متعلقة للطلب ، قبل الأمر ، فهي غير موجودة في الخارج في ضمن فرد ، فالغرض من الأمر هو اعطاء الوجود لهذا الشيء ، أي اعطاء العبد الوجود للشيء المأمور به في الخارج.
مثلا : أراد المولى بقوله (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) إيجاد الصلاة في الخارج بملاحظة الغرض ، فيتصور وجود خارجي هذه الطبيعة المأمور بها ، ثم يأمر بايجادها في الخارج ، فالصلاة بلحاظ الوجود مطلوبة فهي قبل الطلب والامر لا وجود لها وبعد الطلب موجودة ، فلا اشكال في البين.
هذا بناء على اصالة الوجود في دار التحقق. واما بناء على اصالة الماهية في دار التحقق فاختلف الحكماء.
قال المشاءون منهم : ان الاصل هو الوجود ، ويكون الصادر هو الوجود ، وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي شيخ الاشراقيين ومن تبعه : ان الاصل هو الماهية والوجود أمر انتزاعي ، وماهية الشيء حدود الوجود المميّزة لهذا الوجود عن وجود الآخر ، كحدود وجود الانسان المميزة لوجوده عن وجود العصفور مثلا.