الدخولي لا يخرجه عن كونه مقدورا مثل البقاء ، وكلاهما مقدوران بواسطة الدخول ، فكما يكون ترك البقاء مطلوبا في جميع الأوقات حتى قبل الدخول ، وكذا ترك الخروج مطلوب في جميعها.
هذا : مضافا إلى أن الخروج مثل البقاء في كون كل واحد منهما فرعا ، والحال ان الفرعية غير مانعة عن مطلوبية ترك البقاء لا قبل الدخول ولا بعده.
وكذا الحال في فرعية الخروج ، إذ هي غير مانعة عن مطلوبية ترك الخروج مطلقا ، أي قبل الدخول وبعده فحال الخروج كحال البقاء بلا فرق بينهما في الحرمة والمقدورية بالواسطة ، والفرعية والمصداقية للغصب. نعم يحكم العقل بلزوم الخروج بعد ما كان ، أي بعد كونه كالبقاء في الحرمة ، ارشاد إلى اختيار أقل المحذورين وأخف القبيحين لدوران الأمر بينه وبين البقاء ، ويترجح في نظر العقل عليه لأنه اقل المحذورين.
فالمصنّف أجاب عن استدلال الخصم نقضيا بالبقاء ، وحليا بان حكم الخروج ينقلب إلى الوجوب إذا لم يقع بسوء الاختيار ، واما إذا وقع الخروج في الخارج بسوء الاختيار فلا ينقلب بل يبقى على حرمته السابقة.
ومن حكم الخروج ظهر حكم شرب الخمر علاجا للمرض وتخلصا من التهلكة وهو واجب عقلا وشرعا ، ومطلوب على كل حال إذا لم يكن الاضطرار إلى شربه بسوء الاختيار ، وإلا فهو على ما هو عليه قبل الاضطرار إلى الشرب من الحرمة ، وان كان العقل يلزم المكلف ارشادا إلى ما هو أهم وأولى بالرعاية من ترك الشرب ، كحفظ النفس عن التهلكة ، لدوران الأمر بين التهلكة المحرّمة وبين الشرب المحرّم ، والعقل يرشده إلى الشرب لكون غرض الشارع المقدس في حفظ النفس عن الهلاك اعظم من الغرض في ترك الشرب ، وبعبارة اخرى وهي انه يدور الأمر بين الأهم وبين المهم فيرجح عند العقل الأهم على المهم.
قال الشيخ الانصاري : ان الخروج مقدور بواسطة الدخول ، وهو مثل المقدور