ما ذكر ، ولكن لا نعلم قدره وعدده ما هو؟ ولا كم هو؟ وكذلك العصبة أيضا لا
نعلمه كم عدده؟ إلا أن أهل التأويل يقول بعضهم : من عشرة إلى أربعين ، ويقول بعضهم : من عشرة إلى خمس
وسبعين ، وبعضهم : من عشرة إلى خمس عشرة ونحوه ، لا نفسره ولا نذكر عدده
سوى أنه اسم جماعة يتعصب بعضهم بعضا يرجعون جميعا إلى أمر واحد ، وكذلك الشيعة هي
جماعة يتشيع بعضهم بعضا ويتبع بعضهم بعضا ؛ ولذلك قال إخوة يوسف لأبيهم : (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ
عُصْبَةٌ) [يوسف : ١٤] أي : يتعصب بعضنا بعضا لا ندعه يأكله ، ولئن لم نفعل ولم نحفظه
(إِنَّا إِذاً
لَخاسِرُونَ).
وقوله : (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) : اختلف فيه : قال بعضهم : لتثقل بالعصبة تلك المفاتيح.
وقال القتبي : (لَتَنُوأُ) أي : تميل بها العصبة إذا حملتها من ثقلها.
وقال أبو عوسجة
: (لَتَنُوأُ
بِالْعُصْبَةِ) ، أي : لتعجز العصبة عن حملها.
وقال بعضهم :
تنوء : تثقل ، والعصبة : جماعة.
وقوله : (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ) : قال بعضهم : لا تبطر ولا تأشر ؛ إن الله لا يحب البطرين الأشرين.
وجائز أن يكون
قوله : (لا تَفْرَحْ) أي : لا تفتخر على الناس بما آتاك الله من المال ولا
تتكبر عليهم ، و (لا تَفْرَحْ) لا تسكن إليها ، ولا تركن إلى ذلك ، إن الله لا يحب من
ذكر.
وقوله : (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ
الْآخِرَةَ) : كان كثرة ما آتاه الله من المال أنسته الآخرة ،
وشغلته عنها وعن العمل لها ، حتى حمله ذلك على الجحود والإنكار ، فقالوا : وابتغ
الدار الآخرة بما آتاك الله.
(وَلا تَنْسَ
نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) أي : لا تنس من مالك نصيبك في الدنيا ولكن قدم لآخرتك.
__________________