فجاءت الجن بماء فأجروه فتركوه لجة ، ثم جاءوا بالسمك والضفادع فأرسلوها في الماء ، ثم جيء بها إلى ذلك الماء ، فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها ، فقالوا لسليمان : إن في عقلها آفة ؛ ألا ترى أنها لا تعرف الصرح من الماء ، ولا تميز بينهما؟ أو نحو هذا من الكلام.
لكن لا نعلم ما سبب ذلك ، ولا يحتمل أن يكون سليمان يحتال هذا ؛ لينظر إلى ساقها وهي أجنبية.
ثم جائز أن يكون لغير ذلك ، أو أراد أن يريها آية من آيات نبوته ؛ حيث اتخذ صرحا ممردا من قوارير يرى كالماء للطافته ، وذلك خارج عن تدبير البشر ؛ لتعلم هي أن ذلك تدبير السماء لا تدبير البشر.
أو أن يكون أراد بذلك ـ والله أعلم ـ أن يريها عظم ملكه وسلطانه ؛ لتعلم أنه يفعل ما يشاء قادر على ذلك لا ينفعها سوى الطاعة له والإجابة والخضوع لله والإسلام له ، فعند ذلك قالت : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) فيما عبدت دون الله (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي : أخلصت وأسلمت نفسي لله رب العالمين.
قال القتبي (١) : عفريت ، أي : شديد وثيق ، وأصله العفر زيدت التاء فيه ، يقال : عفريت نفريت ، وعفريت ونفريت ، وعفاريت نفاريت.
وقال أبو عوسجة : العفريت : الخبيث المارد ، وعفاريت جمع.
وقال : صدها أي : ردها ومنعها.
وقال الصرح : القصر ، والصروح جمع.
واللجة : الماء المجتمع الكثير.
وقال : الممرد : وهو المملس بالطين أو بالجص أو بما كان.
وقال غيره : الممرد الطويل. قال القتبي (٢) : ومن ذلك يقال : الأمرد للذي لا شعر على وجهه ، ويقال للرملة التي لا تنبت : مرداة ، ويقال : للممرد : المطول ، ومنه قيل لبعض الحصون : مارد.
وقال الكسائي : الممرد : الأملس ، ويقال : منه سمي الأمرد أمرد.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥) قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٢٤).
(٢) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٢٥).