قال القتبي : قوله : (مُذْعِنِينَ) أي : خاضعين.
وقال أبو عوسجة
: مسرعين ، مطيعين ؛ يقال : ناقة مذعان : أي سريعة ، ونوق مذاعين ، والحيف : الجور
، حاف يحيف حيفا فهو حائف.
وقوله : (إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ
لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) قوله : (دُعُوا إِلَى اللهِ) يحتمل إضافة الدعاء إلى الله وجهين :
أحدهما : دعوا
إلى كتاب الله وإلى رسوله : (إِذا فَرِيقٌ
مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) ، كقوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ
تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ
يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) [النساء : ٦١].
والثاني :
إضافته إلى الله هي إضافة إلى رسوله ، كقوله : (مَنْ يُطِعِ
الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النساء : ٨٠] جعل طاعة الرسول طاعة لله ؛ فعلى ذلك جائز أن يراد بإضافة
الدعاء إلى الله دعاء إلى رسول الله ، وعلى ذلك يخرج قوله : (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ
ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) لا يحتمل أن يكونوا يخافون حيف الله وجوره ، لكن إنما
يخافون جور رسوله أو كتابه ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ
إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) قد ذكرنا إضافة الدعاء إلى الله في قصّة المنافقين
ونعتهم ، فعلى ذلك في نعت المؤمنين.
وقوله : (أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) يحتمل قوله : (سَمِعْنا) أي : سمعنا الدعاء وأطعنا الأمر.
ويحتمل : سمعنا
: أجبنا وأطعنا الأمر.
وجائز أن يكون
قوله : (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) ليس على حقيقة القول منهم والنطق به ، ولكن إخبار من
الله ـ تعالى ـ عما هم عليه واعتقدوا به ؛ إذ كل مؤمن يعتقد في أصل اعتقاده طاعة
الله وطاعة رسوله ، فيكون كما ذكر في آية أخرى : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ
لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) [الإنسان : ٩] هذا إخبار عما أطعموهم ، ليس أنهم قالوا باللسان : إنما
نطعمكم لكذا ، ولكن إخبار عما في قلوبهم ، فعلى ذلك الأوّل.
وقوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المفلح هو الذي يظفر بحاجته دنيوية وأخروية ؛ يقال : فلان
أفلح : أي : ظفر بحاجته ، والله أعلم.
وقوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ
وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ) يحتمل قوله : (وَيَخْشَ اللهَ) أي : يخشى الله على ما مضى من ذنوبه ويتقيه فيما بقي من
عمره.
أو يخشى الله
على ما يكون منه من التقصير والتفريط ويتقي ذلك وكل معصية الله
__________________