والآية على المعتزلة ؛ لأنهم يقولون : لم يجعل الله للمؤمن من النور إلا وقد جعل مثله للكافر ، وفي الآية إخبار أنه لم يجعل للكافر النور ؛ إذ لو كان جعل للكافر كما جعل للمؤمن لم يكن لقوله : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) ـ معنى ؛ دل أنه لم يجعل للكافر النور.
وقوله : (فَوَفَّاهُ حِسابَهُ) يقول : فجازاه بعمله فلم يظلمه.
وقوله : (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) قد ذكرناه في غير موضع.
قال القتبي (١) : السراب : ما رأيته من الشمس كالماء نصف النهار ، والآل : ما رأيته في أوّل النهار وآخره ؛ الذي يرفع كل شيء ، والقيعة : القاع.
وقال أبو عوسجة : السراب الذي يثيره الحرّ فتراه كأنه ماء يجري وهو الذي يكون نصف النهار إلى السماء ، والآل في أوّل النهار إلى قريب من نصف النهار ، والقيعة : القاع ؛ وهي الأرض اليابسة الطيبة التي يستنقع فيها الماء ، وقاع واحد ، وقيعان جمع ، والظمآن : العطشان ، وقوم ظماء ، وامرأة ظمأى ، ونسوة ظماء ، وأظمأته : أعطشته ، وظمأته أيضا.
(بَحْرٍ لُجِّيٍ) اللجي : الكثير الماء ، واللجة : وسط البحر (يَغْشاهُ مَوْجٌ) ؛ أي : يصير فوقه ، قال : الموج طرائق في الماء تكون إذا هبت الريح.
وقال الكسائي : الظمآن والصديان والعطشان واحد ، قيل : والسراب : الزوال ، والآل : بعد الزوال ؛ وهو أرفع من السراب ، والرواق بعد العصر.
وقال بعضهم في قوله : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) : يقول : لم يقاربه البصر ؛ كقوله : الرجل لم يصب ولم يقارب.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (٤١) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (٤٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (٤٣) يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (٤٤) وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٤٥)
وقوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٠٥).