الطيبات وتجعلونه في غير ما جعل وتتجاوزوا عن القدر الذي جعل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) برفع الحاء والخفض جميعا ، يحل أن ينزل عليكم غضبي ، ويحل بالرفع : يجب.
وقوله : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى).
قيل (١) : (هَوى) : هلك ، أي : من يجب عليه عذابي فقد هلك ، وكذلك قال القتبي (٢) : (هَوى) ، أي هلك ، يقال : هوت أمه : هلكت.
وقيل : (فَقَدْ هَوى) ، أي : سقط في النار ، يقال : هوى في موضع كذا (٣).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى).
يحتمل قوله : (لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ) عن الشرك ، ورجع عنه ، وآمن بتوحيده ، وعمل صالحا فيما بين ذلك ، (ثُمَّ اهْتَدى) : في حفظ أمره والنهي عما نهى.
والثاني : (لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ) : عن جميع المناهي وآمن بجميع ما أمر.
وقوله : (ثُمَّ اهْتَدى) أي : دام على ذلك وثبت ؛ كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) [فصلت : ٣٠].
قوله تعالى : (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (٨٣) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (٨٤) قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦) قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً)(٨٩)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى).
قال بعضهم (٤) : إن موسى ـ صلوات الله عليه ـ خرج بنفر من قومه إلى الجبل ؛ ليأخذ التوراة ، فعجل حتى خلفهم وتركهم وراءه ، فعند ذلك قال له ربه : (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى).
وقال بعضهم : لم يخرج بنفر ، ولكن خرج وحده وترك قومه ، فأصابهم ما أصاب من
__________________
(١) قاله البغوي (٣ / ٢٢٧).
(٢) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٢٨١).
(٣) ينظر : اللباب (١٣ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤).
(٤) قاله البغوي (٣ / ٢٢٧).