قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٧ ]

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٧ ]

584/607
*

قال القتبي (١) : قوله : (مُذْعِنِينَ) أي : خاضعين.

وقال أبو عوسجة : مسرعين ، مطيعين ؛ يقال : ناقة مذعان : أي سريعة ، ونوق مذاعين ، والحيف : الجور ، حاف يحيف حيفا فهو حائف.

وقوله : (إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) قوله : (دُعُوا إِلَى اللهِ) يحتمل إضافة الدعاء إلى الله وجهين :

أحدهما : دعوا إلى كتاب الله وإلى رسوله : (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) ، كقوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) [النساء : ٦١].

والثاني : إضافته إلى الله هي إضافة إلى رسوله ، كقوله : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النساء : ٨٠] جعل طاعة الرسول طاعة لله ؛ فعلى ذلك جائز أن يراد بإضافة الدعاء إلى الله دعاء إلى رسول الله ، وعلى ذلك يخرج قوله : (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) لا يحتمل أن يكونوا يخافون حيف الله وجوره ، لكن إنما يخافون جور رسوله أو كتابه ، والله أعلم.

وقوله : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) قد ذكرنا إضافة الدعاء إلى الله في قصّة المنافقين ونعتهم ، فعلى ذلك في نعت المؤمنين.

وقوله : (أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) يحتمل قوله : (سَمِعْنا) أي : سمعنا الدعاء وأطعنا الأمر.

ويحتمل : سمعنا : أجبنا وأطعنا الأمر.

وجائز أن يكون قوله : (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) ليس على حقيقة القول منهم والنطق به ، ولكن إخبار من الله ـ تعالى ـ عما هم عليه واعتقدوا به ؛ إذ كل مؤمن يعتقد في أصل اعتقاده طاعة الله وطاعة رسوله ، فيكون كما ذكر في آية أخرى : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) [الإنسان : ٩] هذا إخبار عما أطعموهم ، ليس أنهم قالوا باللسان : إنما نطعمكم لكذا ، ولكن إخبار عما في قلوبهم ، فعلى ذلك الأوّل.

وقوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المفلح هو الذي يظفر بحاجته دنيوية وأخروية ؛ يقال : فلان أفلح : أي : ظفر بحاجته ، والله أعلم.

وقوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ) يحتمل قوله : (وَيَخْشَ اللهَ) أي : يخشى الله على ما مضى من ذنوبه ويتقيه فيما بقي من عمره.

أو يخشى الله على ما يكون منه من التقصير والتفريط ويتقي ذلك وكل معصية الله

__________________

(١) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٠٦).