قائمة الکتاب
تفسير سورة الكهف
تفسير سورة مريم
تفسير سورة طه
تفسير سورة الأنبياء
تفسير سورة الحج
تفسير سورة المؤمنون
تفسير سورة النور
من آية 32 إلى 34
٥٥٣
إعدادات
تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٧ ]
تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٧ ]
المؤلف :أبي منصور محمّد بن محمّد بن محمود الماتريدي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :607
تحمیل
لا استيجابا واستحقاقا ، وذلك رد عليهم في الأصلح في الدين.
ثم من الناس من استدل بهذه الآية بقوله : (يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) : حتى يغنيهم الله من فضله على تفضيل الغناء على الفقر قالوا : لأنه سماه فضلا بقوله : (مِنْ فَضْلِهِ) وسماه في غير آي من القرآن : رحمة وحسنة ، وسماه : خيرا أيضا في غير موضع ، وسمى الفقر والضيق : بلاء مرة ، و : سيئة ثانيا ، و : ضرّا و : شدة بقوله : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ) [الأعراف : ١٦٨] ، وقال : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء : ٣٥] وقوله : (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) [الزمر : ٣٨] وغير ذلك من الآيات ، وكأن ما سمى من البلاء والشدة والشر والضر والسيئة كله عبارة وكناية عن الضيق والفقر ، وما ذكر من الخير والحسنة والرحمة ونحوه ، كله عبارة عن السعة والغناء ؛ فدل تسمية الغناء خيرا وحسنة ورحمة على أنه أفضل ؛ إذ لا شك أن الخير والحسنة والرحمة خير من الشر والسيئة والبلاء ؛ لذلك كان الغناء أفضل من الفقر.
فيقال لهم : هو كما قلتم : إنها خير مما ذكرتم ، إلا أن هذه الأسباب التي ذكرتم هي الداعية إلى الفساد ، الباعثة على قضاء الحاجات ، والشهوات ، وأنواع المعاصي في أنواع المحرمات ، ولا كذلك الفقر والضيق والشدة ، بل هي أسباب تمنع صاحبها عن التعاطي في أنواع المعاصي والمحرمات ؛ فضلا أن تدعوه وتبعثه إلى ذلك ، فقولنا : إنه أفضل ؛ للمعنى الذي ذكرنا ، لا لمعنى فهمتموه أنتم.
أو أن يكون ما ذكر وسمي : خيرا : السعة عند الناس ، وكذلك ما ذكر من الضيق شرّا وسيئة عندهم ؛ لأنه كذلك عند الناس لا أنهما في الحقيقة كذلك ؛ لما يحتمل أن يكون الغناء والسعة سبب الفساد ، والضيق والفقر سبب منعه عن الفساد.
أو ألا يتكلم في تفضيل أحدهما على الآخر ؛ إذ هما محنتان يمتحن بهما العباد : هؤلاء بالصبر على الفقر والضيق ، وهؤلاء بشكرهم على الغناء والسعة ، فالتكلم في فضل أحدهما على الآخر فضل ، والله أعلم.
وقوله : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ) : ظاهر هذا ليس على الكناية ، ولكن على الكتاب المعروف وهو كتاب الله ـ تعالى ـ لأن الكتاب المطلق هو كتاب الله تعالى ، يسألون ساداتهم تعليم الكتاب لهم ، إلا أن الناس لم يفهموا من هذا هذا ، ولكن فهموا كتابة العبيد والإماء حيث صرفوا الآية إليها.
ثم قوله : (فَكاتِبُوهُمْ) ليس على الوجوب والإلزام ، ولكن على الترغيب فيها والحث ؛ دليله ترك الأمة المماليك بعد موتهم دون مكاتبتهم من لدن رسول الله إلى يومنا هذا ، ولو