فيه والبادي.
ويحتمل أنه [خص] المسجد الحرام بأن الناس [سواء] فيه ؛ ليعلموا أن الحكم في سائر المسجد كذلك : أن الناس فيها سواء أهلها وغير أهلها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) قال بعضهم : الإلحاد فيه : هو الشرك والكفر.
وقال [بعضهم](١) : الإلحاد : هو كل المعاصي ، وأصل الإلحاد : هو العدول والميل عن الطريق (٢). وتأويله : ومن يلحد فيه إلحاد ظلم نذقه كذا.
قال بعضهم (٣) : من همّ فيه بإلحاد بظلم نذقه كذا.
ثم يحتمل تخصيص ذلك المكان بما ذكر وجوها :
أحدها : ليعلموا أن كثرة الخيرات وتضاعفها مما لا يعمل في إسقاط المساوئ فيه وهدمها ؛ لما روي : «أن صلاة واحدة بمكة تعدل كذا وكذا صلاة في غيرها من الأماكن» (٤) ، وكذلك حسنة فيها.
والثاني : خصت بالذكر فيه على التغليظ والتشديد ، على ما خصّت تلك البقعة بتضاعف الحسنات.
والثالث : أن أولئك ادّعوا أنهم أولى بالله من غيرهم ؛ لنزولهم ذلك المكان ، فأخبر أن من يرد فيه بكذا نذقه ، ليس تخصيص ذلك المكان بما ذكر ، والعفو في غيره ، ولكن بما ذكرنا.
وقال بعضهم : معناه : من يرد فيه إلحادا بظلم ، والباء زائدة ، ومثله قوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [المؤمنون : ٢٠] معناه : تنبت الدهن. روي بالخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «احتكار الطعام بمكة إلحاد» (٥) ، وكذلك روي عن عمر (٦) وابن عمر (٧).
__________________
(١) قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة ، أخرجه ابن جرير عنهم (٢٥٠١٥ ، ٢٥٠١٦ ، ٢٥٠١٨) ، وانظر : الدر المنثور (٤ / ٦٣٣).
(٢) ينظر : اللباب (١٤ / ٦٣ ، ٦٤).
(٣) قاله السدي ومجاهد والضحاك ، أخرجه ابن جرير عنهم (٢٥٠٢٢ ، ٢٥٠٢٣ ، ٢٥٠٢٤).
(٤) ورد في معناه أحاديث ؛ منها : حديث عبد الله بن الزبير : أخرجه أحمد (٤ / ٥) وابن حبان (١٦٢٠) والبيهقي (٥ / ٢٤٦) ولفظه : «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة في ذاك أفضل من مائة صلاة في هذا» يعني في مسجد المدينة.
(٥) أخرجه البخاري في تاريخه ، وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو داود (٢٠٢٠) وابن أبي حاتم وابن مردويه عن يعلى بن أمية ، كما في الدر المنثور (٤ / ٦٣٣) وأخرجه البيهقي في الشعب عن ابن عمر ، كما في المصدر السابق.
(٦) أخرجه سعيد بن منصور ، والبخاري في تاريخه وابن المنذر ، كما في الدر المنثور (٤ / ٦٣٣ ، ٦٣٤).
(٧) أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٤ / ٦٣٤).