جماعة.
(وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) ، ولكن اجعل بعضها بالجماعة ، وبعضها لا بالجماعة.
وقال بعضهم : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) ، أي : لا تجاوز الحد في الأمور والأعمال التي أمرتك بها ، ولا تقصرها عن الحدّ الذي حددت لك فيها ، ولكن ابتغ بين ذلك سبيلا.
وقال بعضهم (١) : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ) مراءاة للناس ، (وَلا تُخافِتْ بِها) أي : ولا تعجب بها للإخفاء.
وجائز أن يكون قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) [الإسراء : ١١٠] أي : لا تجهر بجميع الأذكار التي في الصلاة أو بجميع القراءات التي فيها ولا تخافت بالكل ، ولكن بعضها بالجهر وبعضها بالمخافتة.
وقال بعضهم (٢) : إنه كان يجهر في صلاته بحيث يسمعه المشركون فيؤذونه ، فأمره ألا يجهر بها لئلا يؤذوه ، ولا يخافت كل المخافتة ، فيسمع أصحابك فيأخذوا قراءتك.
وقال بعضهم (٣) : ذلك في الدعاء إلى الله وتوحيده في حق التبليغ ، والمسألة وأمثاله ، ولكن لا يجوز أن يقطع التأويل في هذا وأمثاله ، فيقال : إنه كان كذا إلا بخبر منه ثابت ؛ لأن الخطاب به خطاب له ، فقطع التأويل فيه والقول على شيء واحد شهادة على الله وعلى رسوله ، ولا تحل الشهادة على الله ، ولا على رسوله إلا بالإحاطة أنه أراد ذلك ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ).
ذكر في هذه الآية جميع ما يقع به الحاجة إلى التوحيد ؛ لأن من نفى التوحيد وأنكره إنما نفى لأحد الوجوه التي ذكر :
منهم من قال له بالولد ، وهم اليهود والنصارى.
ومنهم من قال بالشريك ، وهم مشركو العرب.
ومنهم من قال له بالولي والعون من الذل وهم الثنوية وغيرها حيث قالوا : أنشأ هذا النور ؛ ليستعين به على التخلص من ويلات الظلمة فنزّه نفسه ، وبرّأها عن جميع ما قالوا
__________________
(١) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٢٢٨٤٦) وعن الحسن (٢٢٨٤٢ ـ ٢٢٨٤٥).
(٢) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير (٢٢٨٢٥ ـ ٢٢٨٢٦) ، وابن إسحاق ، والطبراني ، وابن مردويه عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٣٧٤) ، وهو قول الضحاك ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وغيرهم.
(٣) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير (٢٢٨٠٩) ، وابن أبي شيبة ، وابن منيع ، ومحمد بن نصر ، وابن المنذر ، وابن مردويه عنه كما في الدر المنثور (٤ / ٣٧٥) ، وهو قول عائشة وعطاء ومجاهد وغيرهم.