قال في مقدمة كتابه ( مجمل اللغة ) :
|
إنّي لمّا شاهدت ( كتاب العين ) الّذي صنفه الخليل بن أحمد ووعورة ألفاظه ، وشدّة الوصول إلى استخراج أبوابه ، وقصده إلى ما كان يطلّع عليه أهل زمانه الّذين جبلوا على المعرفة ولم يتصعب عليهم وعورة الألفاظ ، ورأيت كتاب ( الجمهرة ) الذي صنّفه أبو بكر بن دريد قد وفي بما جمعه الخليل وزاد عليه ، لأنّه قصد إلى تكثير الألفاظ ، وأراد إظهار قدرته وأن يعلم الناظرون في كتابه أنّه قد ظفر بما سقط عن المتقدمين ، وإن كان قصب السبق مسلّما لهم ، لأنّ بناء المتأخّر على ما قدّموه (١). |
ولا يخفى عليك أنّ ابن فارس لم يرتّب كتابه ( معجم مقاييس اللغة ) على أوائل الحروف وتقاليبها كما صنع ابن دريد في الجمهرة ، وكذا لم يتّخذ منهج الخليل أصلا وإن لم ينكر أنّ قد اعتمد العين وكتابي أبي عبيدة ـ غريب الحديث ، والمصنف الغريب ـ وكتاب المنطق لابن السكّيت والجمهرة لابن دريد فيما استنبطه من مقاييس اللغة (٢).
وأمّا الأزهري في التهذيب ، والقالي في البارع ، والصاحب في المحيط ، فانهم قد اتّبعوا الخليل في منهجه لكنّهم اختلفوا معه في الترتيب وسعة الاستشهاد بالشعر وضيقه ، وكيفية الاتيان بأسماء البلدان والأماكن وما شابه ذلك ، فقال الأزهري في مقدّمة التهذيب :
__________________
(١) مجمل اللغة ١ : ١٤١.
(٢) معجم مقاييس اللغة ١ : ٥.