وفي هذا المسار يبرز السيّد عليّ خان المدني لغويّا فذّا ، يدفع بعجلة هذا المسلك إلى الأمام. فهو ـ بعد الفراغ عن حجية الكتاب ـ يعقد « الأثر » ليذكر فيه الأحاديث النبويّة ، وكلام أئمّة أهل البيت المعصومين عليهمالسلام ، فهم أرباب الفصاحة والبلاغة ومنابع الحكمة ، ولباب قريش.
ولعلّ من التجني على اللغة أن يترك فيها الاستدلال بفصاحة مثل الإمام عليّ والحسن والحسين وسيد الساجدين زين العابدين ، والباقر والصادق ـ وباقي الأئمّة الاثني عشر ، وهم أبناء الوحي والتنزيل ، وأبناء الرسول الذي هو أفصح من نطق بالضاد ـ ويستشهد ويستدل بكلام من عرفوا بالوضع والافتعال اللغوي ، كابان بن عبد الحميد اللاحقي (١) ، ومن عرفوا بالأعجمية كأبي عطاء السندي (٢) ، ومن عرفوا بالافتعال اللغوي والأعجمية معا كخلف الأحمر (٣).
وحسبك أنهم يستدلون في اللغة بمثل ما فعله سيبويه حيث قال : « وحدثنا من يوثق به أنّ بعض العرب قيل له ... » (٤).
أو ما نقله عن الخليل « انه سمع أعرابيّا يقول ... » (٥).
أو مثل قوله « وحدثني من لا أتّهم ، عن رجل من أهل المدينة موثوق به ، أنّه سمع عربيّا يتكلّم ... » (٦) ، وغير ذلك مما تجده مبثوثا في كتب اللغة جميعاً.
__________________
(١) انظر الكتاب لسيبويه ١ : ١١٣. وخزانة الادب ١ : ٤٥٧.
(٢) انظر خزانة الادب ٤ : ١٧٠.
(٣) انظر المعارف لابن قتيبة ١ : ٥٤٤. وقد احتج به سيبويه في كتابه.
(٤) الكتاب لسيبويه ١ : ٢٥٥.
(٥) الكتاب لسيبويه ١ : ٢٧٩.
(٦) الكتاب ١ : ٤٧٥. طبعة بولاق.