ويعيش كافرا ويموت كافرا ، وإن العبد يعمل برهة من دهره بالسعادة ثم يدركه ما كتب له فيموت شقيا ، وإن العبد يعمل برهة من دهره بالشقاء ثم يدركه ما كتب له فيموت سعيدا».
(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٠) ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٢) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣))
قوله : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) الزّعم : هو القول بالظن ، ويطلق على الكذب. قال شريح : لكل شيء كنية ، وكنية الكذب زعموا ، و (أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) قائم مقام مفعول زعم ، و «أن» هي المخففة من الثقيلة لا المصدرية لئلا يدخل ناصب على ناصب ، والمراد بالكفار كفار العرب ؛ والمعنى : زعم كفار العرب أن الشأن لن يبعثوا أبدا. ثم أمر سبحانه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يردّ عليهم ويبطل زعمهم فقال : (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَ) «بل» هي التي لإيجاب النفي ، فالمعنى : بل تبعثون. ثم أقسم على ذلك ، وجواب القسم لتبعثنّ ، أي : لتخرجن من قبوركم لتنبؤن (بِما عَمِلْتُمْ) أي : لتخبرنّ بذلك إقامة للحجّة عليكم ، ثم تجزون به (وَذلِكَ) البعث والجزاء (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) إذ الإعادة أيسر من الابتداء (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) الفاء هي الفصيحة الدالة على شرط مقدّر ، أي : إذا كان الأمر هكذا فصدّقوا بالله ورسوله محمد صلىاللهعليهوسلم (وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) وهو القرآن ؛ لأنه نور يهتدى به من ظلمة الضلال. (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأفعالكم ، فهو مجازيكم على ذلك (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) العامل في الظرف «لتنبؤن» ، قاله النحاس. وقال غيره : العامل فيه خبير ، وقيل : العامل فيه محذوف هو اذكر. وقال أبو البقاء : العامل فيه ما دلّ عليه الكلام ، أي : تتفاوتون يوم يجمعكم. قرأ الجمهور (يَجْمَعُكُمْ) بفتح الياء وضم العين ، وروي عن أبي عمرو إسكانها ، ولا وجه لذلك إلا التخفيف وإن لم يكن هذا موضعا له ، كما قرئ في (وَما يُشْعِرُكُمْ) (١) بسكون الراء ، وكقول الشاعر :
فاليوم أشرب غير مستحقب |
|
إثما (٢) من الله ولا واغل (٣) |
__________________
(١). الأنعام : ١٠٩.
(٢). «استحقب الإثم» : ارتكبه.
(٣). «واغل» : وغل في الشيء : أمعن فيه وذهب وأبعد.