وقول الآخر :
متقلّدا سيفا ورمحا (١)
قال قطرب : هو معطوف على الأكواب والأباريق من غير حمل على المعنى. قال : ولا ينكر أن يطاف عليهم بالحور ، ويكون لهم في ذلك لذة. وقرأ الأشهب العقيلي والنّخعي وعيسى بن عمر بنصبهما على تقدير إضمار فعل ، كأنه قيل : ويزوّجون حورا عينا ، أو ويعطون ، ورجّح أبو عبيد وأبو حاتم قراءة الجمهور. ثم شبههنّ سبحانه باللؤلؤ المكنون ، وهو الّذي لم تمسّه الأيدي ولا وقع عليه الغبار ، فهو أشد ما يكون صفاء ، وانتصاب جزاء في قوله : (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) على أنه مفعول له ، أي : يفعل بهم ذلك كله للجزاء بأعمالهم. ويجوز أن يكون مصدرا مؤكدا لفعل محذوف ، أي : يجزون جزاء ، وقد تقدّم تفسير الحور العين في سورة الطور وغيرها (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً) اللغو : الباطل من الكلام ، والتأثيم النسبة إلى الإثم. قال محمد بن كعب : لا يؤثّم بعضهم بعضا ، وقال مجاهد : لا يسمعون شتما ولا مأثما ، والمعنى : أنه لا يقول بعضهم لبعض أثمت لأنهم لا يتكلمون بما فيه إثم (إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً) القيل : القول ، والاستثناء منقطع ، أي : لكن يقولون قيلا ، أو يسمعون قيلا ، وانتصاب سلاما سلاما على أنه بدل من «قيلا» ، أو صفة له ، أو هو مفعول به لقيلا ، أي : إلا أن يقولوا سلاما سلاما ، واختار هذا الزجاج ، أو على أنه منصوب بفعل هو محكي بقيلا ، أي : إلا قيلا سلموا سلاما سلاما ، والمعنى في الآية : أنهم لا يسمعون إلا تحية بعضهم لبعض. قال عطاء : يحيي بعضهم بعضا بالسلام ، وقيل : إن الاستثناء متصل وهو بعيد ، لأن التحية ليست ممّا يندرج تحت اللغو والتأثيم ، وقرئ سلام سلام بالرفع. قال مكي : ويجوز الرفع على معنى سلام عليكم مبتدأ وخبر.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) قال : يوم القيامة (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) قال : ليس لها مرد يرد (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) قال : تخفض ناسا وترفع آخرين. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عنه (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) قال : أسمعت القريب والبعيد. وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) قال : الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ، ورفعت أولياء الله إلى الجنة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) قال : زلزلت (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) قال : فتتت (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) قال : شعاع الشمس. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) قال : الهباء الّذي يطير من النار إذا أضرمت يطير منها الشرر ، فإذا وقع لم يكن شيئا. وأخرج ابن المنذر عنه أيضا قال : الهباء : ما يثور مع شعاع الشمس ، وانبثاثه تفرقه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عليّ بن أبي طالب قال : الهباء المنبث : رهج الدواب ، والهباء المنثور : غبار الشمس الّذي تراه في شعاع الكوّة. وأخرج ابن
__________________
(١). وصدره : ورأيت زوجك في الوغى.