والأدعياء : جمع دعى. وهو الولد الذي يدعى ابنا لغير أبيه وكان الرجل يتبنى ولد غيره ، ويجرى عليه أحكام البنوة النسبية ، ومنها حرمة زواج الأب بزوجة ابنه بالتبني بعد طلاقها ، ومنها التوارث فيما بينهما.
قال ابن كثير : وقوله : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) هذا هو المقصود بالنفي ، فإنها نزلت في شأن زيد بن حارثة ، مولى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقد كان صلىاللهعليهوسلم قد تبناه قبل النبوة ، وكان يقال له زيد بن محمد. فأراد الله ـ تعالى ـ أن يقطع هذا الإلحاق ، وهذه النسبة بقوله : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) ، كما قال في أثناء السورة : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (١).
واسم الإشارة في قوله : (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) يعود إلى ما سبق ذكره من التلفظ بالظهار ، ومن إجراء التبني على ولد الغير ، وهو مبتدأ ، وما بعده خبر.
أى : ذلكم الذي تزعمونه من تشبيه الزوجة بالأم في التحريم ، ومن نسبة الأبناء إلى غير آبائهم الشرعيين ، هو مجرد قول باللسان لا يؤيده الواقع ، ولا يسانده الحق.
قال ابن جرير : وقوله : (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) يقول ـ تعالى ذكره ـ هذا القول ، وهو قول الرجل لامرأته : أنت على كظهر أمى ، ودعاؤه من ليس بابنه أنه ابنه ، إنما هو قولكم بأفواهكم ، لا حقيقة له ، ولا يثبت بهذه الدعوى نسب الذي ادعيت بنوته ، ولا تصير الزوجة أما بقول الرجل لها : أنت على كظهر أمى (٢).
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله : (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) أى : والله ـ تعالى ـ يقول الحق الثابت الذي لا يحوم حوله باطل ، وهو ـ سبحانه ـ دون غيره يهدى ويرشد إلى السبيل القويم الذي يوصل إلى الخير والصلاح. وما دام الأمر كذلك فاتركوا عاداتكم وتقاليدكم التي ألفتموها. والتي أبطلها الله ـ تعالى ـ بحكمته ، واتبعوا ما يأمركم به ـ سبحانه ـ.
ثم أرشدهم إلى الطريقة السليمة في معاملة الابن المتبنى فقال : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) أى : انسبوا هؤلاء الأدعياء إلى آبائهم ، فإن هذا النسب هو أقسط وأعدل عند الله ـ تعالى ـ.
قال الآلوسى : أخرج الشيخان عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ أن زيد بن حارثة مولى
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٣٧٧.
(٢) تفسير ابن جرير ج ٢١ ص ٧٥.