وَانْ لَمْ تَعْمَلْهَا لِكَي لا تُكْتَبَ مِنَ الْغَافِلِينَ» (١).
التفكير بالموت ونهاية الحياة من جملة الأفكار الّتي تورث الإنسان اليقظة وتبعده عن الغفلة وخاصّةً عند ما يمر الشخص على مقبرة من المقابر ويتصور انه في الغد القريب سيكون أحد سكنة هذه المقبرة وينقطع عن الحياة الدنيا ، فهذا التفكير من شأنه أن يزيل استار الغفلة الّتي تتراكم على القلب بسبب الأهواء والشهوات والنوازع الدنيوية الاخرى.
وفي ذلك يقول أمير المؤمنين عليهالسلام في أحد وصاياه لابنه الإمام الحسين عليهالسلام «ايْ بُنَيَّ الْفِكْرَةُ تُورِثُ نُوراً وَالْغَفْلَةُ ظُلْمَةً» (٢).
٥ ـ تغير المحيط
إن الكثير من الاجواء الاجتماعية والطبيعية تورث الإنسان الغفلة وخاصةً الاشتراك في مجالس الغافلين والبطالين ، وجلسات اللهو واللعب ، والسكن في القصور الفخمة والمزخرفة وأمثال ذلك ، فكلها تقود الإنسان باتجاه الغفلة عن حقائق الامور ، وحتّى الكثير من المدن في عالمنا المعاصر قد تبدلت إلى مركز من مراكز الفساد والغفلة.
وأحد الطرق للخلاص من قيود الغفلة هذه هو ترك المشاركة في مثل هذه الجلسات والاماكن ، والهجرة من المدن الملوثة بالفساد ، وفي غير هذه الصورة فإنّ التخلص من سلطان الغفلة عسيرٌ جداً.
فلذلك نرى أنّ الإمام السجاد يقول لأبي حمزة الثمالي عند بيان أحد عوامل سلب التوفيق : «او لَعَلَّكَ رَأَيْتَني آلِفُ مَجَالِسَ البَطَّالِينَ فَبَيْني وبَيْنَهُم خَلَّيْتَني».
ونختم هذا البحث بحديثٍ عن أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال «احْذَرْ مَنَازِلَ الْغَفْلَةِ وَالْجَفاءِ وَقِلَّةَ الاعْوَانِ عَلَى طَاعَةِ الله» (٣).
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ، ج ٣ ، ح ١٥١٨٨.
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ٢٣٧.
٣ ـ غرر الحكم ، ح ٢٦٠٠ ـ ميزان الحكمة ، ح ١٥١٤٧.