كان كافراً وذلك نحو القول بأنّ العالم قديم أو محدث ، وإذا كان محدثاً هل له صانع أم لا ، والكلام في صفات الصّانع وتوحيده وعدله والكلام في النبوّة والإمامة وغير ذلك» (١).
الثاني : لا شك أنّ الحقّ في الموضوعات ، كالقبلة وأروش الجنايات وقيم المتلفات واحد ، فأحد الظنون حقّ وغيره باطل. وأمّا إطلاق التصويب فيها ، فإنّما لغاية كفاية الظنّ في صحّة الصلاة وعدم الإعادة (٢).
قال المرتضى (قدّه) بعد التمثيل بما ذكرناه : «وكلّ مجتهد فيما جرى هذا المجرى مصيب ، ألا ترى أنّ من أدّاه اجتهاده إلى أمارة ظهرت له أنّ القبلة في جهة من الجهات ، لزمته الصلاة إلى تلك الجهة بعينها ، فإذا أدّى غيره اجتهاده إلى أنّ القبلة في غيرها ، لزمته الصلاة إلى ما غلب في ظنّه أنّه جهة القبلة ، وكلّ منهما مصيب وإن اختلف التكليف» (٣).
الثالث : ومثل الأمرين المتقدّمين ، الموضوعات التي ثبتت أحكامها ببداهة ، فلا يتطرّق إليها التصويب بل الحقّ فيها واحد. قال الشيخ (قدسسره) :
«وكذلك الكلام في أنّ الظلم والعبث والكذب قبيح على كل حال ، وأنّ شكر المنعم وردّ الوديعة والانصاف حسن على كلّ حال وما يجري مجرى ذلك وإنّما قالوا ذلك ، لأنّ هذه الأشياء لا يصحّ تغيّرها في نفسها ولا خروجها عن صفتها التي هي عليها ... وحكي عن قوم شذاذ لا يعتمد بأقوالهم أنهم قالوا : إنّ كلّ مجتهد فيها مصيب وقولهم باطل» (٤).
__________________
(١) العدّة : ٢ / ١١٣ الكلام في الاجتهاد.
(٢) أي : الحكم الوضعيّ.
(٣) الذريعة إلى أُصول الشريعة : ٢ / ٧٩٣.
(٤) العدّة للطّوسي (رضي الله عنه) : ٢ / ١١٣.