فيما يتوقّف عليه
الاجتهاد :
يشترط في جواز
العمل بالرّأي فضلاً عن رجوع الغير إلى من يجوز له العمل به ، استنباط الحكم عن
أدلّته الشرعيّة ، وهذا موقوف على تحصيل مقدمات إليك بيانها :
الأوّل : الوقوف
على القواعد العربيّة التي هي المفتاح لفهم مقاصد الكتاب والسنّة وهما المصدران
الأساسيان الرّئيسيان للاستنباط ، ولا يلزم أن يكون العالم مجتهداً في العلوم
العربيّة بل يكفي في ذلك الرجوع إلى أهل الخبرة فيها.
الثاني : الوقوف
على معاني المفردات حتى يميز المعنى الحقيقيّ عن المجازي والكنايات والاستعارات
التي وردت في الكتاب والسنّة ، ولا يجب أن يكون لغويّاً بحّاثاً في المفردات
وأُصولها.
وليرجع في تفسير
المفردات إلى أُمّهات الكتب ، كالعين للخليل بن أحمد (رضي الله عنه) ولسان العرب
لابن منظور الأفريقي المصري ، والنّهاية في غريب الحديث والأثر للجزريّ (ابن
الأثير) وليس الفقيه في غنى عن الرّجوع إليها بتصوّر وضوح معانيها ، بل هو كلام من
ليس له إلمام بالفقه.
فأين كلمات الصعيد
والكعب والوطن والمفازة والانفاق والمعدن من هذا الوضوح.
ولأجل الوقوف على
مفاهيم كثير من الألفاظ القديمة الصّدور ، فليرجع إلى كتاب المقاييس (مقاييس
اللّغة) لابن فارس بن زكريّا ، فإنّه يذكر أُصول المعاني التي ربّما تشتق منها
المعاني الكثيرة التي لم يكن عنها خبر في عصر صدور الخبر.
الثالث : الوقوف
على المسائل الأُصولية ، فعليها تدور رحى الاستنباط ، والحاجةُ إليها واضحة ، إذ
لو لم يقف العالم على حجيّة خبر الواحد أو لم يحقّق