إذا كان هناك مجتهدان متساويان في العلم كان للمكلّف تقليد أيّهما شاء ، أمّا في صورة الاتّفاق فواضح ، وأمّا في صورة الاختلاف في الفتوى ، فالمستند للتّخيير إمّا هو الإجماع الّذي ادّعاه الشيخ الأنصاريّ (رضي الله عنه) ، أو ما ذكرناه من أنّ المرجع بعد التّساقط هو الاحتياط ، وبما أنّه متعسّر فلا مناص عن التنزّل من الامتثال القطعيّ إلى الاحتماليّ وهو تقليد أحدهما كما عرفت.
إنّما الكلام في تبعيض التّقليد ، فإن أُريد منه التّبعيض حسب الأبواب ، كأن يقلّد في مجال العبادات شخصاً وفي مجال المعاملات آخر فلا مانع من ذلك.
وإن أُريد منه التبعيض في عمل واحد أي في أجزائه وشرائطه ، فإنّما يجوز إذا لم ينته إلى مخالفة كلا المجتهدَيْن بحيث يصير العمل الواحد باطلاً في نظرهما معاً وإن كان قد أخذ برأيهما.
فلو افترضنا أنّ أحدهما يقول بعدم وجوب السّورة وبوجوب التّسبيحات الأربع ثلاثاً ، والآخر يقول بوجوب السّورة واستحباب التّسبيحات الأربع ثلاثاً ، فصلّى المكلّف بلا سورة وبدون تثليث التسبيحات ، فهو وإن رجع في كلّ مورد إلى الحجّة ، لكن المجموع من حيث هو باطل عندهما (١) ، وإن كان سبب الحكم بالبطلان مختلفاً كما هو معلوم. وعليه يجوز العدول بشرط أن لا ينتهي إلى المخالفة القطعيّة العمليّة في واقعة واحدة.
* * *
__________________
(١) لا محالة يشكّ المكلّف حينئذ في صحة صلاته وفسادها فلا بدّ من إحراز صحّتها والاستناد في عدم إعادتها إلى الحجّة المعتبرة ، لأنّ مقتضى قاعدة الاشتغال لزوم الإعادة وبقاء اشتغال الذمة بالمأمور به.