الثاني : إمّا
أنّهم يتسامحون في المراجعة إلى المفضول في أغراضهم العاديّة دون مهامّ الأُمور
وأعاليها ، ومثله لا يكون دليلاً على المسامحة في الأُمور الدينيّة التي لا يعلوها
غرض وهدف.
هذا وقد جاءت
الإشارة إلى سيرة العقلاء في بعض الرّوايات فعن صحيح عيص بن القاسم قال : سمعت أبا
عبد الله (عليهالسلام) يقول : «عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له ، وانظروا
لأنفسكم ، فو الله إنّ الرّجل ليكون له الغنم فيها الرّاعي ، فإذا وجد رجلاً هو
أعلم بغنمه من الّذي هو فيها ، يخرجه ويجيء بذلك الرّجل الّذي هو أعلم بغنمه من
الّذي كان فيها ...» .
هذا كلّه إذا لم
تكن فتوى غير الأعلم مطابقة للاحتياط ، وفتوى الأعلم مخالفة له ، كما إذا أفتى
الأوّل بنجاسة الغسالة والآخر بطهارتها ، أو أفتى الأوّل بوجوب التسبيحات الأربعة
ثلاثاً ، وأفتى الفاضل بوجوب الواحدة ، إذ حينئذ جاز ترك قول الفاضل والأخذ برأي
المفضول ، إلّا أنّ هذا في الحقيقة عمل بالاحتياط الموجود في فتوى المفضول دون
الفاضل.
هذا هو تحليل
المسألة وبيان دليلها ، وليس وراء ما ذكرنا شيء يعتمد عليه في إثبات وجوب الرّجوع
إلى الفاضل سوى وجوه ضعيفة ذكرها الشيخ (رضي الله عنه) في رسالته وهي :
١ ـ الإجماع على
وجوب الرّجوع إلى الفاضل كما وقفت عليه من خلال كلماتهم ، قال الشيخ الأنصاريّ (رضي
الله عنه) :
«ولا يجوز
الاجتراء في الإفتاء في مثل هذه المسألة التي بمنزلة الإفتاء في جميع الفقه ،
بخلاف المنقول من الأصحاب ، كيف ولا نرى منهم الاختلاف مع وجود ذلك فيما هو أهون
من المقام كما لا يخفى على من تتبّع فتاواهم ، ولا وجه للوسوسة
__________________