على طبق حديث الثقلين ـ المتواتر عند الفريقين ـ هم خزنة علم الرّسول وحفظة السنّة المحمّدية ، وعندهم ما تحتاج إليه الأُمّة إلى يوم القيامة وعلى ضوء ذلك لم تكن الحاجةُ ملحّة بفتح باب الاجتهاد للتمكّن من السنّة عن طريق الرّجوع إلى العترة (عليهالسلام) مع كون الرّاجعين إليها في جانب القلّة بالنسبة إلى غيرهم.
الثاني : لمّا كان الحكم والقضاء بيد الخلفاء وأُمرائهم والعلماء الحافّين بهم كانت الأسئلة موجّهة ووافدة إليهم من الدّاخل والخارج ، ولم يكن للشيعة مناص عن ذلك إلّا القليل ، فكانوا يرجعون إلى عليّ أمير المؤمنين (عليهالسلام) والسبطين (عليهماالسلام) وعليّ بن الحسين (عليهالسلام) أحياناً ، ولذلك لم تكن هناك حاجة إلى الاجتهاد وبذل الجهد في طريق الاستنباط.
نعم ، لمّا كثرت الشيعة وضرب بجرانها أطراف الأرض وانتشرت في الحجاز والعراق وغيرهما وتفرّق علماؤهم في البلاد وصعب التمكّن في كلّ زمان من السؤال عن العترة (عليهمالسلام) بدت ظاهرة الاجتهاد بينهم للضّرورة والحاجة ، خصوصاً بعد انتشار علوم الباقرين ومآثر الصادقين (عليهماالسلام) في الأطراف والأكناف وتربّى في أحضانهما أصحاب الفتيا والاجتهاد ، ويعرف ذلك من راجع طبقات تلاميذهما القدامى والجدد (١).
هذا وسوف نقوم بنشر أسماء فقهاء الشيعة مع تراجمهم الإجمالية في كتاب خاص باسم «طبقات الفقهاء وتاريخ الفقه» بإذن الله سبحانه ، وقد قام لفيف من أصحابنا بتأليفها وتصنيفها طوال سنين ، وفّقهم الله لإكماله.
__________________
(١) راجع مقدّمة كتاب «إبانة المختار» ص ١.