المعاندين؟ لا يساوي شيئا ، إن الله تعالى خالق الليل والنهار ، لحكمة واضحة فيهما ، فإن أراد التغيير والتبديل ، من يستطيع الحيلولة من ذلك؟ إن الآلهة المزعومة المتخذة شركاء لله في الألوهية لا يصمدون أمام النّقاش في حقيقة الألوهية ، ولا يجدون برهانا يقنع ، ولا متّكأ يعتمدون عليه ، تصور هذه الآيات الكريمة هذه المعاني تصويرا دقيقا ، لا لبس ولا غموض فيه ، قال الله تعالى :
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) (٦) [القصص : ٢٨ / ٦٨ ـ ٧٥].
المعنى : إن الله تعالى هو المتفرّد بخلق ما يشاء ، واختيار ما يريد ، ما كان لأحد غير الله القدرة على الاختيار ، يختار قوما لأداء الرسالة ، ويصطفي من الملائكة والناس رسلا لأداء المهمة ، تنزه الله وتقدّس عن إشراك المشركين ، وعن منافسة الأصنام وغيرها في خلقه واختياره. سبب نزول هذه الآية الرّد على تطلّعات قريش وترقّبهم إنزال القرآن على غير محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهو أحد رجلين : إما الوليد بن المغيرة من مكّة ، أو عروة بن مسعود الثّقفي من الطّائف. فردّ الله تعالى عليهم أنه سبحانه يختار
__________________
(١) الاختيار.
(٢) ما تخفي.
(٣) أخبروني.
(٤) دائما.
(٥) تاه
(٦) يختلقونه من الباطل.