يتلون آيات القرآن الكريم ، ويعملون بما اشتمل عليه من الفرائض والطاعات ، كإقامة الصلاة في أوقاتها ، والإنفاق من رزق الله وفضله في السر والعلانية ، والنفقة : الصدقات ووجوه البر ، فالسر من ذلك : التطوع ، والعلانية : هو المفروض.
وهؤلاء يطلبون ثوابا جزيلا من الله على طاعتهم. وقوله : (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) معناه يطمعون في تجارة رابحة بما يعملون من عمل ، لن تكسد ويتعذر ربحها وهذا إشارة إلى الإخلاص في العمل.
ثم ذكر الله تعالى كيفية إيفائه الأجور ، فقال : (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ ..) والفعل (لِيُوَفِّيَهُمْ) متعلق بفعل مضمر تقديره : وعدهم بألا تبور تجارتهم إن فعلوا ذلك.
والمعنى : إن الله تعالى يوفي المؤمنين العاملين أجورهم كاملة ، ويزيدهم من فضله ، إما بمضاعفة الحسنات من العشر إلى السبع مائة ، وإما النظر إلى وجه الله الكريم ، وإما الشّفاعة في غيرهم لقوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ١٠ / ٢٦] ، إن الله تعالى واسع المغفرة لذنوبهم ، وافي الشكر لطاعتهم وللقليل من أعمالهم. والغفور : المتجاوز عن الذنوب الساتر لها. والشكور : المجازي على اليسير من الطاعة ، المقرب لعبده منه.
إن من أعجب الأدلة وأقواها على وجود الله ووحدانيته وقدرته : عظمة خلق المخلوقات من الجمادات والأراضي والجبال والطرقات ، وأنواع الحيوان ، والإنسان. وهذه الآية تتعلق بالعلوم العملية الطبيعية ، ويقصد بها إقامة الحجة على كفار قريش.
وأما أهل الإيمان والعمل الصالح العاكفون على تلاوة القرآن ، المقيمو الصلاة ، والمنفقون من طيبات الرزق بأداء الفريضة علنا ، وهي الزكاة ، والتطوعات والصدقات سرا ، فهم الراجون الثواب من الله ومزيد الفضل الإلهي ، والله سبحانه