وبعبارة أخرى يقال : إنّ عصيان الجميع للواجب الكفائي ، فيه عقاب واحد ، نسبته إلى جميع المكلفين على حد سواء ، لكون القدرة على الفعل في الجميع على حد سواء دون تخصيصها بواحد ، وعليه فالجميع يستحق العقاب.
ومثل هذا الدفع للنقض ، تفتقده في محل الكلام ، إذ الخصم يدعي وجود قدرة واحدة ومقتدر واحد على الجامع بين الضدين.
ومن هنا كان من الأفضل أن ينقض بما لو كان التكليف بالضدين المختلفين من حيث الزمان ، كما لو أمر بأحد الضدين ، وبعد عصيانه أمر بضده ، فكان أمره بالثاني مترتبا على عصيان الأول ، وهو تكليف جائز حتى عند المانع والمحيل للترتب ، لأنه تكليف لا يلزم منه طلب الجمع بين الضدين في زمان واحد ، حيث كان التكليف بأحدهما في زمان غير زمان الآخر ، وحينئذ لو فرض عصيان المكلف للفعلين معا ، فإن قيل : بأنه يستحق عقابا واحدا ، فلازم ذلك كون التكليف الثاني بلا أثر ، وإن قيل : بأنه يستحق عقابين ، فلازم ذلك ، كون أحدهما على تكليف غير اختياري ، لأنّ المتوقع من المكلّف امتثال أحدهما فقط دون سواه ، مع أنّ القائل بعدم إمكان الترتب يرى استحقاق المكلّف لعقابين ، مع أنه يجري فيه نفس الإشكال الذي يردّده المانع للترتب.
وعلى كل حال فما تجيبون به هنا في النقض المقترح ، نجيب به هناك في إشكالكم.
ب ـ الجواب الحلّي : الذي أفاده الميرزا «قده» (١) ، وحاصله هو منشأ أن الإشكال إنّما هو تخيّل كون العقاب الثاني على عدم الجمع بين الأهم والمهم ، أي : على عدم الجمع بين الضدين ، وحينئذ رتّبوا على هذا المبنى
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ٢١٨.