بالجعل الثاني ، أي : بمتمم الجعل ، أو بنتيجة الإطلاق والتقييد ، وذلك لاستحالة ذلك كما عرفت.
وهذا النحو من الحفظ وثبوت الحكم ، يكون في حالة واحدة فقط ، وهي حالة الامتثال والعصيان للفعل ، واللذان هما منشأ انتزاع عنوان الامتثال والعصيان ، فخطاب «أكرم العالم» ، بلحاظ ثبوته لحالة العدالة في «العالم» يكون محفوظا وثابتا بالحفظ الأول ، لأن انقسامه إلى ذلك أولى ، وبلحاظ حفظه في حالة معلوم الحكم ، يكون هذا الحفظ من النحو الثاني ، أي : نتيجة الإطلاق والتقييد.
ولكن هناك انقسام آخر في المقام وهو انقسام الإكرام ، في «أكرم» إلى حالة وجود الإكرام ، وحالة عدم الإكرام ، إذ إنّ «أكرم» كما تقاس إلى حالة العدالة والفسق ، وكما تقاس إلى حالة العلم بالحكم والجهل به ، فإنّها كذلك تقاس إلى حالة وجود المتعلق خارجا ، وعدم وجود المتعلق خارجا.
وهذا الانقسام إلى حال وجود المتعلق وعدمه ، يكون انقسام الإكرام فيه حال وجوده أو عدمه ، انقساما أوّليا وليس ثانويا ، لأنّ كل طبيعة في نفسها يمكن تصنيفها إلى حال وجودها وحال عدمها ، بقطع النظر عن طرو الحكم عليها ، يكون انقسامها هذا أوّليا.
وكان مقتضى القاعدة أن يكون دخوله تحت النحو الأول من الحفظ ، لكن مع هذا يكون عدم دخوله مستثنى من النحو الأول من الحفظ والثبوت ، وإنّما يكون له حفظ وثبوت آخر ثالث ، وهو الحفظ الذاتي المغاير لكلا النحوين من الحفظ ، إذ لا يعقل أن يكون وجوب الإكرام محفوظا في حال وجوب الإكرام ، أو محفوظا في حال عدم وجوب الإكرام بالتقييد اللحاظي بالجعل الأول ، ولا بالتقييد النتيجي بالجعل الثاني ، ولا بالإطلاق المقابل لأي واحد من هذين التقييدين.
أمّا أنّه يعقل كونه محفوظا بالتقييد ، سواء أكان لحاظيا بالجعل الأول ،