ولكن التحقيق هو أنّ العزم على العصيان في حال وآن العصيان ، هو كنفس العصيان ، فإمّا أن يؤخذ بنحو الشرط المقارن للأمر بالمهم من حينه ، أو بنحو الشرط المتأخر للأمر بالمهم من قبل.
وبهذا يظهر أن لا مكسب في تبديل الشرط والانتقال من شرطية العصيان إلى شرطية العزم على العصيان ، لأن العزم على العصيان ، هو كالعصيان فما جرى فيه يجري فيه.
وأمّا ما علق به المحقق النائيني (١) على فكرة أخذ العزم على عصيان الأهم شرطا في موضوع المهم ، فمجمله هو : إنّه إذا كانت فكرة أخذ العصيان سيئة ، فإنّ فكرة أخذ العزم على العصيان تكون أسوأ ، فإنّها سوف تعمّق من محذور الاستحالة ، وترفع ببرهان إمكان الترتب إلى حد الاستحالة ، بينما كانت مسألة المنافاة والمطاردة بين الأمرين بالضدين المهم والأهم ، ممكنة الاندفاع عند أخذ العصيان شرطا ، إذن فأخذ العزم شرطا يعمّق الإشكال.
وتوضيح ما قرّب به ذلك يتوقّف على استحضار وأفكار الميرزا «قده» في إمكان إثبات الترتب ، فنذكر مجمل أفكاره هذه حيث يدّعي الميرزا «قده» أنّ الميزان في اندفاع المزاحمة والمصادمة بين الأهم والمهم ، والذي به يمكن تعقل إمكان الترتب ، هو كون الأمر بالأهم يقتضي بذاته انهدام موضوع الأمر بالمهم وطرده ، وهذا يتمّ فيما إذا فرض أنّ موضوع المهم كان هو عصيان الأهم ، إذ إنّ الأمر بالأهم يقتضي بذاته طرد وهدم عصيان نفسه ، وقد فرضنا أنّ عصيان نفسه هو موضوع الأمر بالمهم ، إذن فمقتضى الأمر بالأهم هدم موضوع المهم ، ومعه يستحيل التزاحم بينهما للطولية الحاصلة بذلك.
فالخلاصة : إنّ الميزان الذي تعقّلنا به إمكان الترتب ، يقتضي كون عصيان الأمر بالأهم ممّا يترتب عليه فعليّة الأمر بالمهم ، ولا يكفي في دفع
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي : ج ١ ص ٢١٦ ـ ٢٣٨ أجود التقريرات الخوئي : ج ١ ص ٣٠٦.