«إن لم يرد» لأن كلامنا كله صار في الثاني ، لأن الإرادة المشروطة تدخل في الثاني.
وبهذا يتضح أن هذا الوجدان غير مستقيم ، وإلّا فالوجدان قاض بأن الإرادة المشروطة بالمرض تختلف عن الإرادة المطلقة في ارتباط ذاتي بنفس الإرادة ، فأصل إرادة شرب الدواء مرتبطة ارتباطا ذاتيا مع المرض ، ومثل هذا الارتباط غير موجود في الإرادة الأخرى.
نعم ماهية هذا الارتباط مجمل سوف يتضح فيما يأتي ، وأمّا أصل وجود ارتباط ذاتي بين الإرادة في موارد الإرادة المشروطة ، وبين هذا الشرط ، فهذا هو الوجدان ، لا إنّ الوجدان على خلافه. وعليه فلا إشكال في انقسام الإرادة إلى قسمين : مشروطة ومطلقة ، وأن ما ذهب إليه الشيخ الأعظم ، وتبعه المحقق الخراساني ، والمحقق (١) الخوئي ، على خلاف التصور الأولي للمسألة.
وأمّا البرهان ، على إثبات نظرية الشيخ الأعظم فهو دعوى ، أن كون الإرادة المشروطة في موردها ، مقدمة نحو بعض مقدمات المراد ، يعني كونها موجودة بالفعل ، إذ لو لم تكن موجودة وتامة الفعلية ، يستحيل أن يترشح منها إرادة غيرية لبعض مقدمات المراد ، مع أنه يترشح منها.
وتوضيحه هو : إنّ المراد بالإرادة المشروطة كالحج ، ووقوعه عند الاستطاعة يتوقف على مقدمات ، منها : الاستطاعة ، والزاد ، والراحلة ، وغير ذلك. وهذه المقدمات مربوطة بالمكلف نفسه ، وهناك مقدمة مربوطة بالمولى نفسه وهي الخطاب والطلب ، فإنّ طلب المولى من العبد أن يحج على تقدير الاستطاعة ، هو أحد مقدمات وجود الحج خارجا ، إذ لو لا خطابه وطلبه لما حج المكلف خارجا ، إذن فخطاب المولى أحد مقدمات المراد ، وحينئذ قالوا ، بأننا نرى بالوجدان أنه يترشح من إرادة المولى المشروطة بالاستطاعة
__________________
(١) نفس المرجع في الكفاية ـ المحاضرات.