وإنّما دعوى العينيّة بلحاظ مرحلة الثبوت ، يجب أن تدّعى في أحد عالمين :
١ ـ عالم الجعل والحكم.
٢ ـ عالم الحب والبغض.
أمّا دعوى العينيّة بلحاظ مرحلة الثبوت في العالم الأول ، فإذا فرضنا أن النهي كان عبارة عن طلب النقيض بأن قلنا : بأنّ النهي عن شيء هو عبارة أخرى عن الطلب حقيقة ، غايته أنّ الأمر هو طلب نفس المتعلق ، والنهي هو طلب نقيض المتعلّق ، وقلنا : بأن نقيض الوجود هو العدم ، ونقيض العدم هو الوجود ، فينتج أنّ الأمر بالشيء هو عين النهي عن الترك ، لأنّ النهي عن الترك ، معناه طلب نقيض الترك ، ونقيض الترك هو الفعل ، فيكون المنهي عنه هو الفعل ، فيكون النهي عن الترك معناه طلب الفعل ، فيصح أن يقال : بأن الأمر بشيء هو عين النهي عن ضده العام ، إذ ليس النهي عن ترك الشيء هو غير طلب فعل ذلك الشيء عينه.
وأمّا لو قلنا : بأنّ النهي ، بحسب عالم الجعل والحكم ، ليس مرجعه إلى طلب نقيض مادة النهي ، وإنّما مرجعه إلى الزجر ، كما أنّ الأمر عبارة عن إنشاء نسبة تحريكية ، وكل منهما متعلّق بالمادة ، غاية الأمر ، أنّ أحدهما يقع طرفا للنسبة الإرساليّة ، والآخر يقع طرفا لنسبة زجريّة.
حينئذ لا محالة تكون المغايرة بين الأمرين واضحة ، وأنّ أحدهما غير الآخر ، إذ إنّ النسبة الإرساليّة غير النسبة الزجرية ، إذن فهنا لا معنى لدعوى العينيّة.
وبهذا يتضح أنّ الاقتضاء بنحو العينيّة ، بحسب عالم الجعل والحكم ، هذه العينيّة ، تصح على تقدير دون تقدير.
وأمّا الاقتضاء بنحو التضمّن في مرحلة الثبوت ، بحسب عالم الجعل