سدّ تمام أبواب العدم ، التي منها عدم الصلاة ، لعدم الوضوء ، إذن فكلاهما يحرّك نحو الوضوء ، ومئونتهما نحو الامتثال متساوية ، ولا يوجد مزية مرغّبة في العدول من النفسي إلى الغيري ، إذن فلا يعقل أن ينقدح في نفس المكلّف التحرك عن الأمر الغيري ، ولا ينقدح في نفسه التحرك عن الأمر النفسي ، وهو معنى التلازم.
والخلاصة ، هي : إنّه لا يوجد ـ بناء على تعلّق الأمر الغيري بالمقدمة الموصلة ـ لا يوجد أيّة مزيّة في الآثار والمئونة بين الأمر الغيري والنفسي ، ليعدل عن التحرك من الأمر النفسي إلى التحرك من الأمر الغيري ، إذ إنّ كليهما يحرّك نحو الوضوء الموصل إلى الصلاة ، أمّا الغيري فلأنه متعلقه ، وأمّا النفسي فلأنه يقتضي سدّ تمام أبواب عدم تحقّق ذي المقدمة من ناحية مقدماته ، إذن فلا يعقل اختصاص التحريك والانبعاث نحو فعل المقدمة بالأمر الغيري ، بناء على القول بالمقدمة الموصلة. وهذا التقريب صحيح بناء على وجوب المقدمة الموصلة.
الوجه الثالث : لبيان نكتة «التلازم» بين الانبعاث عن الأمر الغيري ، والانبعاث عن الأمر النفسي ، هو ما ذهب إليه جملة من المحققين ، ومنهم المحقق الأصفهاني ، (١) وحاصله :
هو أن الأمر الغيري غير مستقل في الوجود باعتبار أنه تابع في وجوده للأمر النفسي ، وعليه فلا يكون مستقلا في المحركيّة أيضا ، إذ محركيّته أيضا تكون تابعة لمحركيّة الأمر النفسي ، كما لم يكن مستقلا في الوجود.
وكأنّ ترتيب الاستدلال بهذه الاصطلاحات ، مأخوذ من كلام الحكماء القائلين : بأن كل ممكن غير مستقل في الوجود ، إذن فلا يكون مستقلا في الإيجاد والفاعليّة ، لأن ما لا يستقل في وجوده ، لا يكون مستقلا في فاعليته وإيجاده ، ومن هنا يصح القول بإنه : لا فاعل حقيقة إلّا الله تعالى.
__________________
(١) نهاية الدراية : الأصفهاني ج ١ هامش ٣٣٣ ص ٣٣٤ ـ ٣٣٥.