الآخر من دون مقدمية في البين ، فإنّ ترك الأعم يكون تركا للأخص دون العكس ، حينئذ تجري البراءة عن ترك الأخص كما تقدّم في المثال.
المقام الرابع : هو موارد الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين بالمعنى الأعم الشامل للدوران بين التعيين والتخيير ، إذ إنّ الأقل والأكثر له معنى أعم ، ومعنى أخص.
فمعناه الأعم يشمل الشك في الجزء والشرط ، ويشمل أيضا دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، كما لو وجب إطعام مردّد بين إطعام الحيوان ، وإطعام الإنسان.
ومعناه الأخص ، هو عبارة عن الأجزاء والشرائط كما إذا شكّ في الجزء والشرط.
فموارد الأقل والأكثر بمعناهما الأعم ، وفي تمام مصاديقها ، يجري فيها هذا القانون العام. فإنه دائما يكون مخالفة الأقل مخالفة للأكثر لا محالة ، سواء أكانت مخالفة الأقل عبارة عن وجوب تسعة أجزاء في مقابل وجوب عشرة أجزاء ، أو وجوب ذات المقيّد في مقابل وجوب المقيّد ، أو وجوب عنوان الحيوان في مقابل وجوب عنوان الإنسان. فعلى أي حال وجوب مخالفة الأقل يلزم منه مخالفة وجوب الأكثر لا محالة مخالفة قطعية ، دون أن يلزم من مخالفة الأكثر مخالفة الأقل ، فتجري البراءة حينئذ عن وجوب إكرام الإنسان ، وعن وجوب العشرة ، وعن وجوب المقيّد ، فالبراءة دائما تجري عن وجوب الأكثر ، نعم موارد الأقل والأكثر بالمعنى الأخص يتميّز ببيان الانحلال وببرهان أخر لا يشمل الأقل والأكثر بالمعنى الأعم ، ولا يشمل المقامات الثلاثة الأول والثاني والثالث ، كما لو علم بوجوب تسعة أجزاء ، إمّا مطلقا ، وإمّا مقيّدا بشرط ، حينئذ يقال : بأن أصالة البراءة عن وجوب المطلق لا تجري ليعارض أصالة البراءة عن وجوب المقيّد ، بقطع النظر عن هذا القانون المتقدم ، وذلك لأن وجوب المطلق ينحل إلى أمرين : أحدهما ، وجوب ذات المطلق ، وثانيهما ، إطلاقه. أمّا وجوب ذات المطلق الجامع المقسمي