عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»(١).
والمعنى : أنهم بسبب نقضهم العهد والميثاق لعنهم الله وأبعدهم عن رحمته ، وجعل قلوبهم قاسية صلبة ، لا تعي خيرا ولا تفعله ، وهم يبدلون الكلام ويحرفون معناه ، ونسوا عهدهم الذي أخذه الانبياء عليهم من الايمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وأنت يا رسول الله لا تزال تطلع على خيانة منهم وفجور ، الا قليلا منهم لم يخونوا ، فاعف عنهم واصفح ما دام بينك وبينهم عهد وهم أهل ذمة.
ويقول ابن كثير هنا : «وهذا هو عين النصر والظفر. كما قال بعض السلف : ما عاملت من عصى الله فيك ، بمثل أن تطيع الله فيه. وبهذا يحصل لهم جمع تأليف وجمع على الحق ، ولعل الله أن يهديهم. ولهذا قال الله تعالى : ان الله يحب المحسنين ، يعني به الصفح عمن اساء اليك».
ويقول الله عز شأنه في سورة التغابن :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ، وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»(٢).
قيل ان الآية الكريمة نزلت في بعض المسلمين الذين كانوا اذا أرادوا الخروج للجهاد بكى أولاده وأهله وقالوا له : الى من تدعنا؟. فيرق فيقيم.
وقيل : نزلت في رجال أسلموا من أهل مكة ، وأرادوا أن يأتوا النبي صلىاللهعليهوآله في المدينة ، فأبى أولادهم وزوجاتهم ، فلما أتوا
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ١٣.
(٢) سورة التغابن ، الآية ١٤.