المعرفة
المعرفة في الاصل هي ادراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره ، وقد تشتبه المعرفة بالعلم ، مع أن معنى المعرفة أخص من العلم ، فمعرفة البشر لله تعالى هي بتدبر آثاره ، دون ادراك ذاته ، والعلم هو ما يدرك بواسطة كسب أو بلا واسطة ، والمعرفة هي ما يدرك بواسطة من الكسب فقط. كما أن المعرفة تفترق عن العلم استعمالا في أن العلم يقال لادراك المركب ، والمعرفة تقال لادراك البسيط.
ومن المعرفة جاء وصف «العارف» وهو المختص بمعرفة الله ومعرفة ملكوته وحسن معاملته ، وبهذا تكون المعرفة أعظم درجة من العلم ، ومن هذا الباب تصبح المعرفة خلقا من اخلاق القرآن الكريم ، وفضيلة من فضائل الاسلام العظيم ، وجانبا من هدى الرسول عليه الصلاة والتسليم.
ويعبر بعض أطباء القلوب والارواح عن معنى هذه المعرفة ، فيقول : «المعرفة حياة القلب مع الله». ويقال : العارف من أنس بالله فأوحشه من الخلق ، وافتقر الى الله فأغناه عنهم ، وذل لله فأعزه فيهم ، وتواضع لله فرفعه بينهم ، واستغنى بالله فأحوجهم اليه.
والعارف ابن وقته ، بمعنى انه يشغل نفسه على بصيرة بواجب وقته الحاضر ، فلا يشغلها بما مضى وصار في العدم ، ولا يشغلها بما لم يدخل