ومن هنا قال بصراء المفسرين ان الوجل قد يكون من ذكر الوعيد المخيف ، ومن ذكر الوعد المطمع ، وقد يكون عند ذكر صفات الجلال لله ، وعند ذكر صفات الجمال له سبحانه.
وفي «تفسير المنار» جاءت هذه العبارة : «وقد يقول المؤمن في صلاة التهجد في الخلوة : (الله أكبر) مستحضرا لمعنى كبريائه عزوجل ، فينتفض ويقشعر جلده. فمن خص الذكر هنا بالوعيد غفل عن كل هذا ، وظن أن الوجل لا يكون الا من خوف العذاب ، وكأنه لم يذق طعم الخشية والوجل من مهابة الله وعظمته وكبريائه وعزة سلطانه ، وغير ذلك من معاني أسمائه وصفاته ، ولم يقرأ قوله تعالى : «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ.» ولم يعلم أن من عباد الله من يخشع قلبه ، ويفيض دمعه ، من ذكر أسماء الله في آخر سورة الحشر : «لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ، هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ» الخ.
ولا يجد مثل هذا الوجل عند وصف جهنم وذكر الحساب والجزاء. وانما يأخذ مثل هذا من معاني القرآن من فهمه بظواهر بعض الالفاظ بدون شعور بما لها من التأثير في القلوب ، فيقابل بين هذه الآية وما في معناها ، وبين قوله تعالى في سورة الرعد : «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ». فيظن أن بينهما نعارضا ، فيحاول التقصي منه بحمل هذا على ذكر الوعد ، والآخر على ذكر الوعيد ، ولا تعارض في الحقيقة ولا تنافي ، ففي كل من الوعد والوعيد وصفات الكمال وذكر آيات الله تعالى في الانفس والآفاق اطمئنان للقلوب بالايمان بالله تعالى والثقة بما عنده».
وفي تفسير الرازي : «فان قيل انه تعالى قال ههنا : وجلت قلوبهم.