يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ»(١).
والمعنى اللغوي للوجل هنا أبرز من المعنى الاخلاقي ، فقد أمر الله رسوله أن يخبر الناس عن ضيوف ابراهيم من الملائكة حين زاروه ، فنهض الى اكرامهم ، وقيامه بحقوقهم ، وخدمته بنفسه لهم.
ولكنهم أعرضوا عن طعامه لأنهم ملائكة لا يأكلون ، ففزع ابراهيم أو خاف من ذلك لأن الاعراض عن طعام الكرام يدعو الى الريبة ، ولما علم أنهم ملائكة خاف أن يكونوا قد جاءوا لتعذيب قومه لاجرامهم ، وهو يتمنى هدايتهم.
وهنا قال الملائكة له : لا توجل ، فليس المقام مقام وجل ، ولكنه مقام للفرح ، فقد جئناك لنبشرك بغلام يعيش حتى يصير عليما بفضل الله تعالى. قال ابراهيم : أبشرتموني وقد مسني الكبر ، والكبير قد فاته الوقت الذي يفرح فيه من الدنيا بشيء ، فبم تبشرونني وقد طعنت في السن ، وعن قريب ارتحل الى الآخرة؟. قالوا : بشرناك بالحق فلا تكن من جملة من يقنط من رحمة الله ، ولا يقنط من رحمة ربه الا من كان ضالا. قال : كيف أخطأ ظنكم فتوهمتم أني أقنط من رحمة ربي؟!
وجاء في سورة الانفال قوله تعالى :
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ، أُولئِكَ
__________________
(١) سورة الحجر ، الآية ٥٠ ـ ٥٦.