«وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ»(١).
حتى يمكن أن يسمى هو الخلق ـ أو هذه الفضيلة القرآنية ـ وجل القلب.
والوجل قريب من الخوف ، ولقد كتبت عشر صفحات عن فضيلة «الخوف من الله» في الجزء الاول من كتابي هذا «أخلاق القرآن». وهناك قلت اننا اذا واصلنا قراءاتنا في كتب السلف وجدنا جملة ألفاظ متقاربة ، وان لم تكن مترادفة ، منها : الخوف ، والخشية ، والرهبة ، والهيبة ، والوجل ...
وقد فرقوا بين الخوف والوجل بأن الخوف هرب من حلول المكروه عند استشعاره ، والوجل هو رجفان القلب وانصداعه لذكر من يخاف سلطانه وعقوبته. وفرقوا بين الوجل والخوف بأن الوجل هو استشعار الخوف ، يعني ما يجعل القلب يشعر به بالفعل. وقيل ان الخوف توقع أمر مؤلم في المستقبل قد يصحبه شعور بالالم أو الفزع ، والوجل بمعنى الفزع ، وقد يكون من الاجلال والمهابة ، وقد يكون من العاقبة المجهولة.
وقد جاء ذكر «الوجل» في مواطن من القرآن الحكيم ، ففي سورة الحجر :
«وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ ، قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ، قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ، قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ ، قالَ وَمَنْ
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآية ٦٠.