«الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ»(١).
فالذين أوتوا الكتاب يعرفون صدق ما جاء به رسول الله من عند ربه ، كما يعرفون أبناءهم الذين يتولون تربيتهم ، ولكنهم يكتمون هذا الحق سفها وعنادا ومكابرة.
* * *
والصوفية يهتمون على طريقتهم التي عرفت عنهم بالمعرفة وتصوير الحديث عن أهلها بما يدل على أنهم يجعلون لها مكانة مرموقة عند أهل القلوب والارواح. فيقول الفضيل : «أحق الناس بالرضا عن الله أهل المعرفة بالله عزوجل». وسئل أبو سعيد الخراز عن المعرفة ، فقال : المعرفة تأتي من وجهين : من عين الجود ، وبذل المجهود. وكأنه يقصد أن بعض المعرفة هبة من الله سبحانه ، وبعضها يتحقق بمجهود يبذله المرء. ويقول الشبلي : من علامة المعرفة أن يرى نفسه في قبضة العزة ، ويجري عليه تصاريف القدرة ، ومن علامة المعرفة المحبة ، لأن من عرفه أحبه.
وأساس المعرفة هو الاستقامة ، ولذلك قيل لبعض الصوفية : ما حاجة العارفين؟. فقال : حاجتهم الى الخصلة التي كملت بها المحاسن كلها ، وبفقدها قبحت المقابح كلها ، وهي الاستقامة.
والقرآن الكريم يقول :
«فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»(٢).
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٤٦.
(٢) سورة هود ، الآية ١١٢.