في الوجود ، بل همه أن يعمر وقته بواجبه ، حتى لا يضيع عليه واجب.
ولعل كتاب الله المجيد قد أشار الى شيء من مفهوم المعرفة الاخلاقي ، حينما قال في سورة المائدة :
«وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ ، وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ ، فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ»(١).
أي اذا سمع هؤلاء ما أنزله الله عز شأنه من القرآن على رسوله محمد صلىاللهعليهوآله ترى ـ أيها الناظر ـ دموعهم تسيل بغزارة من عيونهم. وذلك من أجل ما عرفوه من الحق الذي بينه لهم القرآن ، ولم يمنعهم عن ذلك مانع من استكبار أو عناد أو عتو. وهذه حالهم وقد سمعوا بعضا من القرآن ، فكيف لو سمعوه كله؟. ان المعرفة ستكون أشمل وأكمل.
ويعلق القرطبي على هذا النص الكريم ، فيذكر من أحوال العلماء العارفين بالله أنهم يبكون ولا يصعقون ، ويسألون ولا يصيحون ، ويتحازنون ولا يتموتون ، كما قال الله تعالى :
«اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ
__________________
(١) سورة المائدة ، الآيات ٨٣ ـ ٨٥.