بالتفسير بالرأي ، وإذا كانت الآية ممّا تتضمن حكماً فقهياً يرجع في فهم الموضوع وشرائطه وجزئياته وموانعه إلى الروايات والاخبار المأثورة ، ثمّ يتمسك في موارد الشك في اعتبار شيء ، أو خروج فرد عن تحت الدليل بإطلاقها أو عمومها فلا يعد ذلك تفسيراً بالرأي بل اجتهاداً معقولاً ، مقبولاً في فهم الآية.
ولعلّ كون القرآن كتاب القرون والأجيال لا تنقضي عجائبه يلازم قبول هذا النوع من التفسير الاجتهادي ، ولأجل ذلك لم يزل كتاب الله طريّاً في غضون الأجيال لم يندرس ولم يطرأ عليه الاندراس ، بل هو طريّ ما دامت السماوات والأرض ، ولازم ذلك وجود معارف وحقائق في القرآن يهتدي إليها الإنسان بالتعمّق في دلالاته اللفظية : المطابقية والتضمنية والالتزامية ، وإن كان السلف في الأعصار الماضية غافلين عن هذه المعاني ، ولعلّه إلى ذلك يشير الصادق عليهالسلام في جواب من سأله أنّه ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلّا غضاضة بقوله : « لأنّ الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، ولا لناس دون ناس ، وهو في كلّ زمان جديد ، وعند كلّ قوم غض إلى يوم القيامة ». (١)
وبالجملة فإيصاد هذا الباب في وجه المفسرين ، يوجب وقف الحركة العلمية في فهم الكتاب العزيز ، وبالتالي يكون القرآن كسائر الكتب محدود المعنى ومقصور المراد لا يحتاج إلى تداوم البحث وتضافره.
ولأجل إعطاء نموذج من الاجتهاد الصحيح في فهم القرآن نذكر اجتهاد الإمام أبي الحسن الهادي عليهالسلام في تفسير الآية.
روى ابن شهر آشوب في مناقبه ، قال :
______________________
١. بحار الأنوار : ٩٢ / ١٥ ، باب فضل القرآن ، الحديث ٨.