موسى الأشعري ، وأهل الشام على قراءة أُبي بن كعب ، وهكذا.
واستمر الحال إلى عهد عثمان حتى تفاقم أمر الاختلاف ، ففزع لذلك ثلّة من نُبهاء الأُمّة ـ أمثال الحذيفة بن اليمان ـ وأشاروا إلى عثمان أن يقوم بتوحيد المصاحف قبل أن يذهب كتاب الله عرضة الاختلاف.
ومن ثمّ أمر عثمان جماعة بنسخ مصاحف موحّدة ، وإرسالها إلى الأمصار وإلجاء المسلمين على قراءتها ونبذ ما سواها من مصاحف وقراءات أُخرى.
وقد بعث عثمان مع كلّ مصحف من يقرِّئ الناس على الثبت الموحد في تلك المصاحف ، فبعث مع مصحف المكي عبد الله بن سائب ، ومع الشامي المغيرة بن شهاب ، ومع الكوفي أبو عبد الرحمن السلمي ، ومع البصري عامر بن قيس ، وهكذا. (١)
وكان هؤلاء المبعوثون يُقرّئون الناس في كلّ قطر علىٰ حسب المصحف المرسل إليهم ، ولكن لم تحسن الغاية المتوخاة من إرسال تلك المصاحف ، لوجود اختلاف في ثبت تلكم المصاحف ، مضافاً إلى عوامل أُخرى ساعدت على هذا الاختلاف ، فكان أهل كلّ قطر يلتزمون بما في مصحفهم من ثبت ، ومن هنا نشأ اختلاف قراءة الأمصار ، مضافاً إلى اختلاف القرّاء الذي كان قبل ذاك ، فصار هناك عاملان لنشوء اختلاف القراءات :
١. اختلاف القُرّاء ( الذين كانوا في الأمصار قبل وصول المصاحف ).
٢. وجود الاختلاف في نفس تلك المصاحف الموحّدة حسب الظاهر.
فكان الاختلاف ينسب تارة إلى اختلاف القرّاء ، وأُخرىٰ إلى اختلاف الأمصار التي بعث إليها المصاحف.
______________________
١. تهذيب الأسماء للنووي : ١ / ٢٥٧.