(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) آل عمران : ١٠٣.
فنهى عن التفرق وأمر الكافة بالاجتماع وهذا يبطل قول مسوغ الاختلاف وقال سبحانه :
(وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) هود : ١١٨.
فاستثنى المرحومين من المختلفين ودل على أن المختلفين قد خرجوا بالاختلاف عن الرحمة لاختصاص من خرج عن صفتهم بالرحمة ولو لا ذلك لما كان لاستثناء المرحومين من المختلفين معنى يعقل وهذا بين لمن تأمله.
قال صاحب المجلس أرى هذا الكلام كله يتوجه على من قال إن كل مجتهد مصيب فما تقول فيمن قال إن الحق في واحد ولم يسوغ الاختلاف.
قال الشيخ رضي الله عنه فقلت له :
القائل بأن الحق في واحد وإن كان مصيبا فيما قال على هذا المعنى خاصة فإنه يلزمه المناقضة بقوله إن المخطئ للحق معفو عنه غير مؤاخذ بخطئه فيه واعتماده في ذلك على أنه لو أوخذ به للحقه العنت والتضييق فقد صار بهذا القول إلى معنى قول الأولين فيما عليهم من المناقضة ولزمهم من أجله ترك المباحثة والمكالمة وإن كان القائلون بإصابة المجتهدين الحق يزيدون عليه في المناقضة وتهافت المقالة بقول الواحد لخصمه قد أخطأت الحكم مع شهادته له بصوابه فيما فعله مما به أخطأ الحكم عنده فهو شاهد بصوابه وخطئه في الإصابة معترف له ومقر بأنه مصيب في خلافه مأجور على مباينته وهذه مقالة تدعو إلى ترك اعتقادها بنفسها وتكشف عن قبح باطنها بظاهرها وبالله التوفيق.
ذكروا أن هذا الكلام جرى في مجلس الشيخ أبي الفتح عبيد الله بن فارس (١) قبل أن يتولى الوزارة.
__________________
(١) ورد ذكره في كتاب : (تثبيت دلائل النبوّة) صلى الله عليه وسلم ٥٥٧ ـ ٥٥٨ للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني المتوفّى سنة ٤١٥ ه باسم : أبو الفتح بن فراس ، لا فارس وقال عنه : كان أبو الفتح بن فراس الكاتب وهو أحد الشيع ومن كبار الإماميّة ... إليه ترجع الشيع في الرواية ويعرض عليه شعراؤهم شعرهم مثل أبي الحسن الناشئ.