عدة أيام قتل الملك علي الصليحي وبعض أقاربه. فتسلم الملك ولده أحمد المكرم الذي أنابه عنه في حكم البلاد ، فاستطاع بعد نضال عنيف طويل أن يتغلّب على القبائل الثائرة ويفك الحصار عن صنعاء ، ويتتبع خصومه في كل مكان مسجلا الانتصارات الرائعة التي استأصل فيها كافة العناصر المعادية ، فاستقرت له الأمور وأخذ يعالج أمور المملكة بالحكمة والصبر. هذا ما جعل الخليفة الفاطمي والإمام الإسماعيلي المستنصر بالله يقدر له هذه الانتصارات ويمنحه الألقاب ، ويوافق على زواجه من السيدة أروى الصليحية التي كانت على جانب كبير من الذكاء والأخلاق الفاضلة ، إلى جانب ما وهبها الله من جمال الصورة.
وفي أواخر أيام الملك المكرم نقل مقرّه إلى ذي جبلة فأقام بها مدة واشتد عليه مرض الفالج الذي أصابه بعد تخليص أمه أسماء من الأسر بزبيد ، فأشار عليه الأطباء أن يحتجب عن الناس ، ففوّض لزوجته أروى شئون إدارة الدولة واعتكف في حصن التعكر حتى توفّي في جمادى الأولى سنة ٤٧٧ ه. فاختلف رأي أمراء اليمن الصليحيين والزواحيين فيمن يتولى الحكم بعده ، ولكن السيدة الحرّة لم تقف مكتوفة اليدين تجاه هذا الاختلاف ، فأرسلت خطابا إلى الإمام المستنصر تعلمه فيه بوفاة زوجها واختلاف الأمراء على تولي الحكم ، وبنفس الوقت تتوسل إليه ليوافق على تعيين ابنها الوحيد (عبد المستنصر علي بن المكرم) الذي كان لا يزال طفلا خلفا لوالده ، فوافق الإمام المستنصر وكلّف عضد الدين أبا الحسن جوهر المستنصري أن يحمل تعزيته إلى السيدة أروى ويثني على إخلاصها ووفائها للدعوة ، وكتب إلى أمراء اليمن يدعوهم إلى الاتحاد والتضامن ونبذ الضغائن والأحقاد ، ويحضهم على طاعة السيدة الحرّة وابنها.
ويحدثنا المؤرخ الإسماعيلي اليمني إدريس عماد الدين بأن السيدة أروى