المستنصر المرض وشعر بدنوّ أجله ، شرع في أخذ البيعة لولده نزار ، ولكن الوزير الأفضل بن بدر الجمالي الأرمني الجنس الذي كان يتمتع بنفوذ كبير في طول البلاد وعرضها ، أخذ يماطل ويسوف حتى توفّي الإمام المستنصر قبل أن تتم مبايعة نزار. فاغتنم الأفضل هذه الفرصة وحال بين نزار وبين حقّه الشرعي في الخلافة والإمامة ، وعقد اجتماعا ضم الأمراء وكبار رجال الدولة من الانتهازيين المتملّقين الذين يستهدفون الأمور الدنيوية الزمنيّة وينهدون إلى الجاه والصولجان ، دون أن يعطوا القيمة المطلقة للنص ، فأصموا آذانهم عن سماع كل ما يتعلّق به ، ورفضوا أن يتصرفوا على ضوء الحق والواقع. فعملوا بموجب إرشادات الأفضل الذي أثار مخاوفهم من نزار ، ومناهم بأرفع المناصب وأجزل العطايا ، بعد أن فرض عليهم ضرورة تنحية نزار عن الخلافة والإمامة ، وتولية أخيه أبي القاسم أحمد ـ وكان طفلا صغيرا ـ وهو ابن أخت الأفضل ، فعارضه في ذلك الأمير عبد الله بن المستنصر ومحمد بن مصال اللكي. ولكن الأفضل الذي كان يتفاعل في أعماقه حقد عنيف دفين على نزار ويخشى أن يتسلم الخلافة فيقصيه عن الوزارة لما كان يتصف به من سمعة سيئة ، ونفوذ عظيم في البلاد ، لم يعبأ بهما وبادر إلى مبايعة أبي القاسم أحمد ولقبه (المستعلي بالله) وكلف قاضي القضاة علي ابن نافع الكحال بأخذ البيعة له من كبار رجال الدولة وأعيانها ، الأمر الذي أهاب بعدد كبير من الدعاة ومن مريدي المذهب الإسماعيلي إلى عدم الاعتراف بإمامة المستعلي والمناداة بإمامة صاحب النص نزار وأبنائه من بعده ، وبذلك انقسمت الإسماعيلية إلى فرقتين : الأولى ظلت على تمسكها بالنص للإمام نزار ، فسميت النزارية. والفرقة الثانية سارت وراء المستعلي فعرفت بالمستعلية وهي موضوع بحثنا في هذه العجالة.
وتشير المصادر التاريخية إلى أسباب إقصاء نزار عن الخلافة فتقول :