«دخل الأفضل مرّة القصر راكبا من باب الذهب بينما كان نزار خارجا من نفس الدهليز فصاح به (انزل يا أرمني يا نجس عن الفرس إذا ما كنت داخلا إلى القصر ، ما أقل أدبك) فحقدها عليه ، وخاف إذا ما أصبح خليفة أن يقضي عليه ، ويبعده عن الوزارة ، فسعى إلى خلعه ، وبايع أخاه المستعلي» (١) وباعتقادي أن الأسباب أعمق ممّا ذكر بكثير وكانت تستهدف القضاء على المذهب الإسماعيلي قضاء مبرما ، لو لا أن هناك بقية باقية من الإيمان في قلوب الدعاة العلماء والمخلصين الأوفياء من أبناء الدعوة فوقفوا سدا منيعا في وجه المتآمرين.
ولما لمس نزار بأن حقّه الشرعي قد اغتصب بالحيلة والقوة سار إلى الإسكندرية بصحبة أخيه عبد الله وابن مصال اللكي ونخبة من العلماء والدعاة ، فاستقبله والي الإسكندرية ناصر الدولة أفتكين والقاضي جلال الدين بن عمار وبايعاه ، ومن ثم أخذا له البيعة من جميع أهل الإسكندرية ولقب (المصطفى لدين الله). وأتته البيعة وكتب الولاء من بلاد فارس وبلاد الشام ، فلمّا علم الأفضل بذلك خرج لقتال نزار على رأس جيش لجب ، فدارت الدائرة على الأفضل وعاد مهزوما إلى القاهرة ، حيث أخذ يعد العدة لقتال نزار ، ونجح باستمالة بعض العربان من أنصار نزار. ولما تم له ذلك عاد ثانية إلى الإسكندرية ففتحها بعد حصار مرير سفكت خلاله دماء بريئة طاهرة من كلا الطرفين المتقاتلين ، وألقى القبض على حاكمها أفتكين وعلى القاضي جلال الدين وعدد من رجالات الدعوة النزارية ، وقيل إنّه قبض على نزار فسلّمه للمستعلي الذي أمر أن يبنى عليه جدار فمات. وفي رواية أخرى أن نزارا قتل في القاهرة
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ١٠ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ (ط. صادر) تاريخ الدولة الفاطمية ص ١٧١ لحسن إبراهيم حسن وتاريخ الدعوة الإسماعيلية لمصطفى غالب طبعة ٢ ص ٤٥٢