أتباعه ومريديه ، وكانت الزكاة هي السبيل القويم الذي يتفق وأمور الدين. فأمر أبو القاسم من جهة أتباعه بجمعها ، واستعمل عليهم منهم ثقاة وعدولا ، يقبضون أعشار أموالهم على ما يوجبه الشرع وتعاليم الإمام الإسماعيلي. وظل ابن حوشب يعمل بجد ونشاط لبناء دولة إسماعيلية حتى أصبح الجزء الأكبر من اليمن خاضعا لنفوذه وسلطانه.
سرّ الإمام كثيرا عند ما وردت إليه الهدايا من اليمن وهو في سلمية من بلاد الشام فقال مخاطبا ابنه وولي عهده : «هذه أول ثمرة أيامك ، وبركة دولتك» وتمثل بقول الشاعر :
الله أعطاك التي لا فوقها |
|
وكم أرادوا منعها وعوقها |
عنك ، ويأبى الله إلّا سوقها |
|
إليك حتى طوقوك طوقها |
وبمناسبة هذه الانتصارات الرائعة التي حققها ابن حوشب لقبه الإمام «بمنصور اليمن» وشبهه بفجر الدعوة الذي مهد لشمسها بالظهور. ووصفه الدعاة الذين أخذوا عنه فيما بعد : «كان سيدنا وشيخنا منصور اليمن بمثابة الفجر المتنفس ، وبه كشف الله عزوجل عن الأولياء الغمة ، وأنار حنادس الظلمة» (١)
وهكذا استطاع ابن حوشب بما أوتيه من حنكة سياسية أن يركز دعائم أول دولة إسماعيلية في بلاد اليمن على أنقاض التفكك والانحلال ، وأن يجعل من هذه الدولة الفتية مدرسة كبرى لتخريج الدعاة وتوزيعهم إلى جميع أنحاء العالم. ولكن دولته لم تعمر طويلا إذ سرعان ما عادت اليمن مرّة أخرى إلى حكم القبائل المتنافرة المتشاحنة بعد وفاة ابن حوشب. على أن عددا من اليمنيين ظل
__________________
(١) غاية المواليد الورقة ٤٨ ـ ٤٩ وافتتاح الدعوة الورقة ١٨ وعيون الأخبار ج ٥ ص ٣٨.