فيهم من ضعف الأحلام ، وقلّة المعرفة بأحكام الشريعة المحمدية ...» فقال الإمام مخاطبا ابن الفضل : «إن هذا الرجل الذي نبعث به معك بحر علم ، فانظر كيف تصحبه» ، ثم قال عليهالسلام : «الله الله بصاحبك ، وقّره واعرف له حقّه ، ولا تخالفه فيما يراه لك ، إنّه أعرف منك ، وإنّك إن خالفته لم ترشد ...». ثم توجه إلى ابن حوشب فقال : «يا أبا القاسم! هذا الذي كنّا ننتظره ، فكيف رأيك في الذي عرضته عليك من أهل اليمن؟ ...» فامتثل أبو القاسم لأوامر الإمام التي قال فيها : «إلى عدن لاعة فاقصد ، وعليها فاعتمد ، فمنها يظهر أمرنا ، وفيها تعز دولتنا ، ومنها تفترق دعاتنا ، اجمع المال والرجال ، والزم الصوم والصلاة والتقشف ، واعمل الظاهر ، ولا تظهر الباطن ، وقل لكل شيء باطن ، وإن ورد عليك ما لا تعلمه ، فقل لهذا من يعلمه ، وليس هذا وقت ذكره ..» ، كما أوصاه بعلي بن الفضل فقال له : «.. هو شاب قريب عهد بالأمر ، فانظر كيف تسوس أمره ..» ، ثم خاطبهما معا بقوله : «أبعثكما إلى اليمن تدعوان إلى ولدي هذا ، فسيكون له ولذريته عزّ وسلطان ، وإن الله عزوجل قسم لليمانيين ألا يتم أمر في هذه الشريعة إلا بنصرهم ..». وبعد أن تزودا بكل ما يحتاجانه في هذه المهمة الشاقة خرجا من الكوفة إلى القادسية في نهاية سنة ٢٦٧ ه. وفي ذلك يقول ابن حوشب : «ولما ودعت الأهل والأحبة متشوقا إلى إقطاع الغربة وتوجهت ، فلمّا خرجت من القادسية أوجست خيفة ، فسمعت حاديا يقول (١) :
يا حادي العيس مليح الزّجر |
|
بشّر مطاياك بضوء الفجر |
__________________
(١) افتتاح الدعوة للقاضي النعمان الورقة ١٠ ـ ١٢ وزهر المعاني للداعي إدريس ص ٦٥.